عبد الغفور القرعان يكتب ( شرّ البليّة ... مجلسنا الموقّر )

شرّ البلية ... مجلسنا الموقّر 



بعد مرور أقل من شهر على ( انتخابات مجلس النوّاب السابع عشر ) بدأت آثار الندم واضحة على وجوه الكثيرين ومن خلال أحاديث الذين انطلت عليهم أكاذيب المرشّحين , والتطبيل والتعبئة الإعلاميّة فقرّروا المشاركة . 

بدأ النّدم بعد أوّل جلسة لهذا المجلس والتي ناقشوا فيها الموضوع الأهم بالنسبة لهم وهو ( قضيّة الرواتب التقاعدية ) , مدّعين أنّ نقاشهم هذا كان من أجل الخروج من الحرج الدستوي , وكأنّ الحرج الدستوري لم يمسّ هذا المجلس بجميع أعضائه قبل أن يسقطوا تحت قبّة العبدلي .

 فأين هم من الحرج الدستوري والأخلاقي وبينهم من هو متّهم بقضايا رشوة وفساد مالي ؟ أين هم من ذلك الحرج وجميعهم قد وصل تحت القبّة بقانون انتخاب صادق عليه وأقرّه مجلس نوّاب مرفوض شعبيّا بعد أن شهد القاصي والدّاني ( وكثير منهم من أهلها ) على أنّ ذلك المجلس مزوّر ؟ 

وما زاد من ندم ( المشاركين المخدوعين ) عندما رأوا من انتخبوهم يتصارعون من أجل الإعتلاء على أصوات الناخبين , ليصلوا إلى كرسيّ الوزارة , ليكون هذا النّائب هو الجزّار الذي سيجزّ رقاب ( قاعدته ) الشعبية وبإسم الحكومة البرلمانيّة عن طريق قرارات ستكون هي الأسوأ خلال المعاناة التي نعانيها منذ أكثر من عقد من الزمن. 

ثمّ أتى تشكيل اللجان النيابيّة ( المحاصصة وبالتوافق ) وقد زاد هذا الموضوع الطين بلّة , فرأينا أولئك النوّاب يتدافعون فيما بينهم من أجل الوصول إلى اللجنة ( التي تدرّ عسلا ولبنا ) لجنة الشؤون العربيّة والدّولية , كيف لا وهم يعلمون - وأنه وعن طريق حشر أسمائهم في هذه اللجنة - سيستعيدون ما خسروه خلال حملاتهم الإنتخابيّة في غضون سفرة أو سفرتين استجماميتين , وكم كانت دهشتي حينما وصل أحدهم إلى تلك اللجنة ( وبالتوافق ) وهو لا يحمل أيّ مؤهّل يساعده على ( تمشية حاله ) في سفراته المستقبليّة ( مؤهّل توجيهي راسب ) , نعم هو الآن في لجنة ( الشؤون العربيّة والدولية ) وهو لا يكاد يفقه شيئا في شؤون محافظته الداخليّة , ولا يعلم حتى في أصول العلاقات مع جيرانه , فكيف به سيشارك ويتفّهم أصول العلاقات بين الدّول !! أم أنّ خبرته في العمل الإستخباري ( وكيل متقاعد من جهاز المخابرات ) ستؤهّله لحلّ الأزمات الدوليّة وفضّ المنازعات والحروب , وإماطة اللثام عن جميع المؤامرات الدّوليّة للنيل من الوطن العربيّ عامّة والأردن خاصّة ؟؟ 

وبعض من النوّاب ( صدّق الكذبة ) وأخذ يصرّح أنّه ولممارسته دور ( العمرين ) في نشر العدل وتفقّد الرعيّة ليلا , لا يجد متّسعا من الوقت لأخذ غفوة إلاّ تحت القبّة . 

ولكنّ العذر الوحيد لمن يتفيّؤون ويستظلون تحت القبة أنّ هذه هي فرصة العمر ويجب عليهم استغلالها حتى يستعيدوا ما خسروه وسيخسرونه في أيّامهم القادمة . 

سيسأل سائل : وما الذي منع من قاطع الإنتخابات أن يشارك من أجل إيصال الأفضل تحت القبّة , والإجابة بكلّ بساطة هو القانون الذي يجبر الأكثرية على اتخاذ المقولة ( قريبي وإن كان لا يستحق أفضل من البعيد وإن استحق ) شعارا له . 

اعذرونا يامن خدعتم وشاركتم في اختيار هؤلاء إن رأيتم ضحكة ترتسم على وجوه المقاطعين , فلن تكون تلك الضحكة شماتة بأحد لا سمح الله ولكنها ضحكة شرّ البليّة ( وشرّ البليّة ما يضحك ) . 
وإلى الملتقى .