هل ينجح هجوم التنقيب عن النفط؟

تشن الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ ما يزيد على نصف قرن هجمات مكثفة بين فترة وأخرى للتنقيب عن النفط تتزامن عادة مع الأزمات التي تعاني منها البلاد والعباد من ارتفاعات قياسية على أسعار المحروقات، محاولة إشاعة نوع من التفاؤل في الأوساط العامة بأن الفرج ربما يكون قريبا اذا ما تم اكتشاف كميات تجارية من الذهب الأسود لا تزال مخبأة في باطن الأرض، إلا أن الأحلام تتبدد مع الاعلانات المتواصلة عن فشل الجهود المبذولة من قبل الشركات التي تحال عليها العطاءات وانهاء الاتفاقيات معها ما دامت لم تصل الى النجاح المستهدف!
يبدو أن هذه الأيام حافلة بالعديد من محاولات الكشف عن النفط التي تعم مختلف الأراضي الأردنية من شمالها الى وسطها وجنوبها، حيث أعلنت سلطة المصادر الطبيعية مؤخرا عن سلسلة من العطاءات والاحالات الى الشركات البترولية، مع الاستعداد لعرض ما هو جديد ولم يسبق أن تم طرحه في السابق بعد اجراء الدراسات اللازمة، ومن غير المعروف اذا ما كان ذلك يتوازى مع المحنة التي يواجهها الأردن خلال السنوات الأخيرة في المجال النفطي وتسببت بأزمات مالية حكومية حادة ومديونية قياسية لم يسبق لها مثيل!
يتبدى ذلك بوضوح من خلال استعراض هذا الكم الكبير من مشروعات الاستكشاف النفطية التي تحط الرحال عن طريق ست شركات عالمية تعمل حاليا في هذه الحقول، من بينها حقلان يتم استخراج النفط منهما، أهمهما الريشة الواقع في الأراضي التي استعادها الأردن من العراق اثر اتفاقية تعديل الحدود بينهما قبل حوالي العشرين عاما، كما أن سلطة المصادر أصدرت عطاء دوليا لحقل حمزة في منطقة الأزرق وانه ينتج يوميا خمسة وعشرين برميل نفط تعتبر من أجود الأنواع العالمية ويتناسب مع معدات مصفاة البترول الأردنية، بالاضافة الى طرح عطاء دولي للتنقيب في منطقة الصفاوي وهناك اتفاقيات أخرى تشمل الجفر والبحر الميت والعقبة.
أما بالنسبة لإنتاج النفط من الصخر الزيتي الذائع الصيت المزمن الذي يبلغ احتياطي الأردن منه في منطقة العطارات الواقعة في مناطق الوسط وحدها خمسة وعشرين مليار طن، فإن مجلس الوزراء وافق مؤخرا على اتفاقية لاستغلاله فيها مع أم الغدران أيضا، وأن الحكومة تتوقع إنتاج النفط والكهرباء من هذا الصخر الذي تعمل حاليا عدة شركات على اكتشاف المزيد منه في الأراضي الأردنية لأن المساحة النشطة منها تبلغ حوالي خمسة الاف كيلومتر مربع تقع في وسط المنطقة الجنوبية من بين مساحات شاسعة أخرى غير مكتشفة بالكامل تتفاوت في المحتوى من حيث المادة العضوية.
إذا ما كان التفاؤل ضروريا سواء في الخير النفطي أو في غيره من ثروات وطنية كامنة غير مكتشفة حتى الآن، فلعل الأمل يتحقق خلال هذه الهجمة النفطية في أن نجده فعلا بعد إخفاقات لا حصر لها سجلتها العقود الماضية من محاولات جاهدة للعثور عليه بكميات يمكن الاعتماد عليها، في التخفيف من ضائقة خانقة في المجال النفطي يعاني الوطن كله من أعبائها .المتزايدة التي لا تقف عند حدود 
بقلم:هاشم خريسات