رئيس "يعبي الكرسي"

 

 
الأشقاء المصريون يستخدمون عبارة "راجل مَلْو هدومه" للإشارة الى ثقتهم بأهلية صاحب المنصب، و"الهدوم" هنا لا تشير الى الملابس بالمعنى الحرفي للكلمة، بل الى المتطلبات والمواصفات المطلوبة.
عندنا في الأردن، ولتحقيق الغاية ذاتها، لا نعتمد على مقياس "الهدوم"، وبدلاً منها نعتمد الكرسي الذي يجلس فوقه صاحب المنصب، فنقول عنه "زلمة معبي كرسيّه". وربما كان المقياس الأردني أكثر شمولاً، فقد يكون الرجل "ملو هدومه" في مجالات معينة، لكنه لا يكون بالضرورة "معبي كرسيّه".
لو استعرضنا سيرة منصب رئيس الوزراء في الأردن، سنجد أن الأمر لم يكن مجرد تتابع أسماء. صحيح أنه لم يكن لدينا سوى مرة واحدة يتيمة جرى فيها تسمية الرئيس من كتلة حزبية نيابية، وهي حالة سليمان النابلسي رئيس الحزب الوطني الاشتراكي عام 1956، لكن البلد شهد العديد من الرؤساء المعينين وفق الطريقة التقليدية التي نشكو منها الآن، لكنهم كانوا يعبئون كراسيهم.
أزور بين فترة وأخرى المعارض الأشهر يعقوب زيادين، وكثيراً ما يروي احداثاً يؤكد فيها أنه كان في البلد رؤساء رؤساء وزارات جديرون بالمعارضة، ولدى زيادين في هذا الشأن ذكريات تعود الى اكثر من ستين عاماً مضت، عارض فيها رؤساء وزارات كانت وزاراتهم عناوين لمراحل سياسية في حياة البلد.
لعدة عقود كان لدينا رؤساء وزرارات يعبئون –ولو نسبياً- كراسيهم جيداً. وربما كان الكباريتي في التسعينيات آخر محاولة جدية في هذا السياق، بينما أضاع البخيت فرصة ذهبية أتيحت أمامه، ومؤخراً أعطى النسور إشارات غير مكتملة أو غير واضحة تماماً، لكنها هامة.
أسوأ الاحتمالات، أن يجري تقليص حجم الكرسي لكي يناسب الرئيس فنعتقد ويعتقد هو أنه "معبيه".