مجلس النواب أمام مسؤولياته الوطنية

أمام مجلس النواب السابع عشر مسؤوليات وطنية ومهام كبيرة . وإذا كانت مهمة المجلس النيابي الاساسية تشريعية ورقابية ، فإن دوره بعد التعديلات الدستورية الاخيرة – وهي تعديلات أساسية وليست سطحية كما يزعم بعض المراقبين والمحللين وغيرهم – دوره يتعدى ذلك كله الى المشاركة في السلطة التنفيذية عبر اختيار رئيس الوزراء القادم ، أو التوصية باختياره ، على وجه الدقة ، وتولي المسؤوليات الوزارية أو اختيار الوزراء .
هذه المهمة كبيرة ، وهي مسؤولية وطنية ، وإن كانت تتداخل ، في ما أرى ، مع مفهوم استقلالية السلطات الثلاث أو فصل السلطات كما هو في النظم السائدة ، في بعض الدول ، وكما كان عليه الحال لفترة ممتدة لدينا ، رغم أن الدستور الاردني (1952) لم يكن ينص على ما يحول دون مشاركة النواب في الحكومة أو تشكيل حكومة برلمانية من الحزب أو التكتل الذي له أغلبية واضحة في المجلس . 
وقد جرى تشكيل حكومة برئاسة الحزب الوطني الاشتراكي عام 1956-1957 برئاسة دولة سليمان النابلسي ، رحمه الله ، كما شارك عدد من النواب في حكومة دولة الاستاذ مضر بدران عام 1989، وكذلك كانت حكومة دولة الاستاذ عبد الكريم الكباريتي عام 1996 حكومة نيابية ضمت 17 نائباً بمن فيهم رئيسها .
وثمة حاجة ماسة الى التفريق هنا بين حكومة تضم عدداً من النواب ، بمن فيهم رئيسها ، وحكومة برلمانية يشكّلها حزب الاغلبية .
غير أن المجلس الحالي لا يتوافق في تشكيلته مع مفهوم حزب الاغلبية ، بينما التكتلات التي جرى ويجري تشكيلها حالياً ، داخل المجلس النيابي لا تعدو أن تكون آنية أو مؤقتة وبالتالي فهي ائتلاف هش لا يصمد أمام أية خلافات قد تقع بين أعضائه .
على أية حال ، كنا نتمنى لو أن مسألة الحكومة البرلمانية قد أعطيت فرصة أكبر لكي تنضج وتتكامل فصولاً ومكونات .
أَمَا وأن المجلس أعطي حق المشاركة في ترشيح اسم رئيس الوزراء المقبل ، وهذه من صلاحيات جلالة الملك ، حسب الدستور ، فإنها فرصة مناسبة ليثبت المجلس قدراته ، ومستوى أهليته للنهوض بهذا الدور المتقدم ، ومن هنا تبدو مهمة رئيس المجلس وأعضائه في غاية التأثير الذي نتوقع أن يكون ايجابياً وأن يساهم في استعادة « الثقة « الشعبية بالمجلس ودوره ومسؤولياته ، دون أن نذهب بعيداً في آفاق التوقع ، لما نعرفه عن تركيبة المجلس ، والظروف التي ولد فيها ، وطبيعة المؤثرات التي أدت الى هذه التشكيلة التي تضم مختلف أطياف المجتمع ، لكنها لا تعطي لأي منها قوة كافية للتأثير في مخرجات العملية الديموقراطية .
لا شك أن في المجلس عدداً من الكفاءات والخبرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية ، والناس تتطلع الى أعمال المجلس وانجازاته لا الى الاقوال والخطب والاجتماعات . والمرحلة واضحة المعالم وقد حددها جلالة الملك في غير مناسبة ، سواء في رسالته الى رئيس المجلس أو في خطاب العرش أو في مقابلاته الصحفية والإعلامية أو في الاوراق النقاشية التي نشرتها الصحف الاردنية . وتظل مسؤوليات المجلس كبيرة والتحديات أمامه أيضاً كذلك ، والرهان عليه يرتقي إلى مستوى عال من الآمال والتطلعات الشعبية .