تراجع «التربية» أمام رغبات مديري المدارس ضربة موجعة للميدان

بدا القرار الذي اتخذته وزارة التربية بتجمد تنقلات مديري المدارس وتحديدا في تربية عمان الأولى وكأنه طعنة في الظهر بالنسبة لمديري التربية الذين باتوا في وضع لا يحسدون عليه بتاتا.

والذي زاد من  قسوة القرار والإرباك في الميدان أنه جاء تحت ضغط مفتعل من قبل مدير مدرسة يريد أن يرسم سياسة المدرسة والمجتمع المحلي المحيط بها بناء على مزاجه، ويستمتع هذا المدير بمخالفة قرارات مديري التربية و»تكسير» إرادتهم، فقد سبق له أن قام بهذه «الحركة» مع مدير تربية سابق الذي يعمل الآن في مركز الوزارة.
كما أن هذا المدير يقوم بإخراج الطلاب والمعلمين من صفوفهم للتظاهر؛ مطالبين بعودته تحت شعار «الطلاب يريدون...»، وهذا مؤشر خطير على طريقة تفكير هذا المدير، فمن يتحمل مسؤولية خروج هؤلاء الطلاب من صفوهم وذهابهم الى وزارة التربية للاعتصام، وكيف يسمح أولياء الأمور لأبنائهم بترك مقاعد الدراسة والخوض في معركة ليست معركتهم أبدا؟
إن نجاح هذا المدير في إجهاض القرار عبر التظاهر سيكون نموذجا لباقي مديري ومديرات المدارس والكادر الإداري في مراكز مديريات «التربية» وفي الوزارة نفسها لعصيان أي قرار إداري، واللجوء إلى تحريض بعض الأقارب والمعارف والأصدقاء ووسائل الإعلام لفرض الأمر الواقع. خصوصا وأن قرار النقل لا يشمل هذا المدير وحده بل يشمل مديرين كثيرين باشروا عملهم باستثنائه، إذ يبدو أنه يخوض رهانا بينه وبين نفسه «بدنا نشوف قرار مين رح يمشي».
كما أن هناك عشرات المديرين والمديرات والموظفين الذين تم نقلهم في مختلف مديريات «التربية» يستعدون للقيام بخطوات شبيهة بخطوة هذا المدير في حال تم تجميد قرار نقله، وسمعنا عن تهديد من قبل بعضهم بأنه إذا لم تتم إعادتهم إلى مواقعهم القديمة فإنهم سيلجأون إلى الشارع والاعتصام.
القضية برمتها هي في ملعب وزارة التربية والتعليم التي يجب (من مهامهم وضمن دورها) أن تساند قرارات مديري التربية طالما أنها قانونية وضمن الصلاحيات، ولا يستطيع أي مدير أو أي موظف أن يفرض رأيه على الوزارة إذا كانت إدارتها واثقة من نفسها ومتماسكة وقادرة على فرض التعليمات واللوائح ومعاقبة أي مدير مدرسة يدفع بطلاب صغار إلى خوض معركته، بدلا من أن يخوضها هو مباشرة.
إن ضعف الوزارة يعود بالدرجة الأولى إلى أن بعض المديرين في مركز الوزارة يصرون على إدارة بعض المديريات بدلا من مديريها الفعليين، واستمرارهم في التدخل والتوسط للعشرات يوميا في التعيين أو النقل أو التستر أو إلغاء عقوبة، والويل لأي مدير تربية لا ينصاع لرغبات مركز الوزارة.
إن الوزارة تقف الآن أمام اختبار حقيقي في احترام قراراتها وتطبيق القوانين واللوائح ومعاقبة الذين يستغلون «أولاد العالم» كوقود في معاركهم الشخصية بدلا من مكافأتهم، كيف يرضى تربوي ومدير مدرسة أن يخرج أولاد قصر إلى الشوارع في أثناء اليوم الدراسي دون أن يتحرك الوازع التربوي فيه. ويمنعه من شخصنة الأمور وتوجيه «أولاد الناس» إلى «نزاع» ليسوا طرفا فيه.
الأولى بالوزارة والأجهزة الرسمية أن يسألوا المدير عن دوره في توريط شبان قصر في معركته ضد طواحين الهواء، ولماذا لم يقم بأداء أي عمل رسمي منذ أن تقرر نقله منذ أكثر من أسبوعين؟ لماذا تصر بعض قوى الشد العكسي في الوزارة على إعادة عجلة الزمن إلى الوراء؟ أسئلة كثيرة نطرحها جوابها لدى وزارة التربية والتعليم المطالبة بإعادة الهيبة لنفسها .قبل غيرها
. بقلم:علي سعادة
.