الثورة البيضاء في ذهن رئيس الحكومة

 

 
نُقِرُّ تمامًا ما قاله رئيس الوزراء حول مسؤولية الإصلاح التي هي مسؤولية وطنية شاملة تعني الجميع ، وأن نجاحها لا يمكن أن يتم إلا إذا شارك كل عضو في هذا المجتمع ،وساهم بما هو موكل إليه بكل دقة وأمانة ، فالاصلاح لا يعني فقط الارادة العليا ، ولا يعني شعارات وعناوين وبرامج ، بل ممارسة حقيقية ممزوجة بالإيمان الذي يدفع تجاه التقدم والتطور والوصول للأهداف المرسومة .
النزاهة معيار حقيقي لتحقيق الإصلاح ، لكنه يحتاج إلى أدوات وآليات ، ومرجعية بيَّنها الرئيس عندما شدد على تحديث منظومة النزاهة ، وتعظيم المنجز وتعزيز الثقة بالنفس والمؤسسة ، وبالتالي كينونة الدولة الأردنية .
ما قاله رئيس الحكومة في ورشة عمل ديوان المظالم ، عزز مفهوم المشاركة الوطنية ، في تحقيق مفهوم النزاهة، فمؤسسة العرش معنية بمسؤولياتها تجاه النزاهة والبرلمان والإعلام والمؤسسات المدنية ، والحكومة ، وجميعها حلقات تتشابك بأدائها لتحقيق هذا المفهوم الذي نحن بأمس الحاجة إليه.
رضا الناس ؛ هو الأساس ، والقاعدة التي يجب أن تنطلق منها المؤسسات ، هي القناعة التي يجب أن تترسخ في ذهن الموظف ، أيا كان موقِعُه . ولهذا فإن رضا الناس يدخل في السياسات والاستراتيجيات ، وفي آليات وأدوات التنفيذ ، وفي الاشخاص المعنيين بكل هذه المدخلات ، "الوزير والأمين العام والموظفين حتى أصغر موظف" .
الثورة البيضاء التي تحدث عنها الملك في خطاب العرش وتمنى على رئيس الحكومة إحداثها ، هي ثورة ضد كل تخاذل وكسل واحتيال وتلاعب بالمال العام ، وضد كل من يعتقد أن الوظيفة سلطة لا خدمة ، وأن الوظيفة فرصة ومَغنمَة لا واجبا . وأن الموظف هو خادم للمواطن ومرشد له .
الثورة البيضاء ؛ تغيير جذري في نوعية الشخوص ومواصفاتهم في الأداء والسلوك ، والتفكير والعطاء ، والمسؤولية وحمل الأمانة ، في الذهنية والحاكمية ، والتعامل والاحترام ، وحق الناس ومتطلباتهم ، فجميعها تشكل حاجات أساسية لا بد من تعزيزها ، لدى الموظف والمسؤول وصاحب القرار ، وفي القانون العادل الذي يحقق مصالح الناس . هذه الثورة يجب أن تطال كل عناصر الأداء الحكومي ، بحيث يكون الأشخاص القادرون على تقديم أفضل خدمة للمواطنين ، وفق برامج تأهيلية مستمرة ، وتدريب على كل المهارات الحديثة ، جنبا إلى جنب مع الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال ، وتحقيق مفهوم الانفتاح والتطور والتعرف على تجارب العالم وعناصر القدرة والنمو ، بحيث يُسخِّر علمه وتجربته وامكاناته لتقديم افضل ما يستطيع وسط الاحترام السلوكي المطلوب ، فالمواطن يريد ان يشعر بالتغيير، ويدرك أن الأمور تبدّلت وأن الحقوق هي التي تفرض وجودها دائما .
حديث الرئيس فيه مؤشرات حقيقية نحو الثورة التي قد تنطلق بنا إلى بناء مؤسسة تنفيذية رشيقة وخفيفة ، لكنها منتجة ومتفاعلة وقوية , وقادرة على تسويق نفسها ، خاصة إذا استطاعت التعرف على لغة البرلمان، وسارت بخطى سليمة واضحة وفاعلة وعملية . نقول للرئيس: أَوْصلت الرسالة ، وبلَّغت الأمانة .