ذيبان على صفيح ساخن !!
لم تكن ذيبان التي تعد احدى اكثر نقاط التوتر، والاحتقان سخونة على المستوى الوطني ، وشكلت انطلاقة الحراك على مدى السنتين الماضيتين سوى مسطح قروي هادئ يستلقي على ضفاف الجرح الوطني، وكانت تكتم ألمها، وتغمض عينيها على الوجع، ولم تكن تقايض وطنيتها بالمكاسب. وانما فتحت قلبها مشرعا لكل مسؤول، حتى فاض كيل ذيبان، وخرج شارعها منددا بالسياسات والسياسيين التي جعلت الكرامة وحق العيش الكريم في خطر . فذيبان تفقد حقها مبكرا في المشاركة السياسية، والى وقت قريب لم يكن منها وزير او عين او محافظ او امين عام او سفير، وذلك متواصل منذ نشوء الدولة حتى تحركت معارضة ابنائها منذ سنوات فجرت بعض التعيينات.
وتفتقر ذيبان الى البنية التحتية، وبعض مناطقها ما يزال غير مخدوم بشبكة الطرق، او المياه، او المرافق الصحية، وبعضها محروم من مدرسة. وهنالك قرى كالمشرفة، وحريثين اقيمت على ارض الخزينة منذ الخمسينات ما تزال محرومة من ايصال الماء والكهرباء لها، وقرية الهيدان التي تحوي مئات المزارع ما تزال لم تصلها الكهرباء بعد مما كان من شأنه ان يخفف على المزارعين من اثمان الوقود، وفي قرية العينات التي تحوي الجزء الاكبر من الثروة الحيوانية، وعشرات المزارع المروية تنقطع الطريق في المنتصف لتتحول الى ترابية مما يحرم اهلها من القدرة على مواصلة العيش والانتاج، ويحرم اطفال القرية من وجود مدرسة فيضطر الاهالي الى الرحيل، ولم يتم الاستجابة لمطالبهم باقامة مدرسة حتى لو كانت عبارة عن خيمة. وقرية عموريا مفصولة نظريا عن الدولة كونها تفتقر الى مجرد طريق معبد، وفي قرية مليح شارع قاتل يشطر القرية نصفين، وهو يخلو من وجود جوانب للطريق او ارصفة او اشارة مرورية فضلا عن انه غير مضاء ليلا وتقع على جانبيه مدرستان احداهما للاطفال الصغار، وقد اوقع العديد من القتلى من ابناء القرية، وما يزال ماثلا على حاله رغم مطالبات الاهالي المتكررة التي تروح اصداء الرياح.
وعلى اتساع مساحة ذيبان المحبة تختفي مظاهر التنمية فلا مصنع الا مصنع يتيم تولد في مليح مؤخرا، وبقي المئات من ابنائها بلا عمل، ناهيك عن الخريجين الجامعيين الذين تغلق في وجوههم ابواب الرزق، وهي تقع بين السدين ويفوت عليها فرصة اقامة مشاريع زراعة مروية، ومواقعها السياحية مهملة واهمها مكاور، ولا توضع على الخارطة السياحية للمملكة، ووعدت بالجامعة، والمنطقة الصناعية منذ عدة عقود، ولم يتحقق هذا الحلم بعيد المنال الى اليوم، وذيبان تفشل تنمويا الى درجة ان فرعا لبنك لا يتوفر فيها، ناهيك عن عدم وجود صراف الي يستطيع الموظفون من خلاله الحصول على رواتبهم.
غالبية اهالي ذيبان، والجبل، ولب، والدليلة يعيشون بالحد الادنى، وعلى الرواتب المتدنية، وقد اضطروا لبيع اراضيهم للصرف على ابنائهم الملتحقين بالجامعات، وبعضهم ترى اثر المعاناة اليومية باديا على محياه، وهو يحمل على كاهلة في ظل راتب التقاعد البسيط طالبين الى ثلاثة يدرسون في الجامعات، ويظل يحرم من طعم الحياة.
والمزارعون المدينون للاقراض الزراعي وعدوا بالمساعدة، ولم تنفذ الوعود، وقد تراكمت عليهم الديون وتوقفوا عن الزراعة في مجرى سيل الهيدان.
ذيبان اتسعت معاناتها مؤخرا ففقدت هدوءها واستقرارها فلا مشاريع تمتص البطالة فيها، ولا تقام فيها منشآت، او بنية تحتية تؤدي الى تشجيع الاستثمار لتتولد عنه فرص للعمل، او يفضي الى غلاء الارض، وقراها تشهد تباطؤا في النمو، والتطور، وسوقها لا ينمو، وهي تحتاج الى انقاذ، ووقف المشاعر السوداوية التي تجتاح اجيالها تباعا، وتجعلها قابلة
.للاشتعال
بقلم :النائب علي سنيد