المواصفات والهروب من الاسم
الملاحظ ان الكتل النيابية في مجملها تتهرب من تسمية رئيس للوزراء يمكن أن تدافع عن شخصه وبرنامجه أمام رئيس الديوان الملكي المكلف باجراء المشاورات معهم.
هذا السلوك التهربي له ما يفسره قطعا، فالكتل من ناحية ليست متماسكة كي تتفق على اسم محدد او تفاصيل، فالمنطقي ان تبقى تدور في إطار من العموميات حتى تحافظ على كيانيتها.
ومن ناحية أخرى يبدو ان الطيف الاكبر من النواب لا يفضلون ان يحسب عليهم - شعبيا - اسم اي من الرؤساء، على اعتبار ان قادم المشهد السياسي ينبئ بقرارات اقتصادية صعبة يصلح معها الهجوم على الحكومة لا التورط في اختيارها.
هؤلاء يرون ان مجرد اعطاء الثقة للحكومة الفاشلة سيذهب بالمجلس نحو هجمة شعبية متوقعة، فما بالك اذا تم اختيارها من قبل النواب بالاسم والوصف واللون.
طبعا هذه الحسابات لا تمت للمسؤولية السياسية بصلة بل هي تهرب من فرصة تاريخية سياسية، قد تكون محطة وبداية لسلوك ديناميكي مختلف في المشهد الوطني.
فالشجاعة والمسؤولية تقتضي من الكتل ان تعقد مؤتمرات صحافية تعلن من خلالها أسماء مرشحها للرئاسة وأسماء الوزراء في كل المواقع، وان تتحمل بعد ذلك كل تبعات الاختيار.
النواب او الكتل يهربون من مأزق الاسم الى الحديث عن مواصفات الرئيس القادم او عن برنامجه الذي يجب ان يلتزم به.
هذا الموقف لن يغير من مواضعات الصيغة التقليدية بأي قدر، فالكرة ستبقى في ملعب الديوان هو يسمي الرئيس وسنعود لفلتات جلسات الثقة وخطاباتها الرنانة واتفاقات المصالح و»كأنك يا أبو زيد ما غزيت».
الأدهى والأمر اننا حين نسمع بالمواصفات التي تطرحا الكتل او بالبرامج نشعر بطوباوية عميقة في فهمهم لدقة الظرف السياسي.
هذه المواصفات تصلح لكل اردني وتبتعد عن كل اردني في ذات الوقت، ولعل مقتل المواصفات وتناقضها يكمن في عمومية الطرح ومجانبته للقيود والتحديدات.
السياسة بعد ظهور مؤشرات مداولات المشاورات تبدو مجففة لدى النخب الاردنية، فما زال الخاص يتقدم على العام وما زلنا بصدد قدرات متواضعة أفرزها قانون الصوت الواحد غياب العمل الحزبي.
نتمنى ان نرى كتلا تطرح اسماء ولا تتهرب من تبعات ذلك، فوعي الاردنيين تجاوز غطاء التحايل وبتنا نفهم لعبة الثلاث ورقات دون وساطات.