رئيس وزراء.. «عيّن خير»
قلت للنائب المستعجل والذي يعتقد اننا وصلنا بين عشية وضحاها إلى الحكومة البرلمانية «عيّن خير»..
لقد كثر الجدل الآن حول اختيار رئيس الوزراء للمرحلة القادمة، ومن النواب الأفراد أو على شكل الكتل من يرون الظرف ناضجاً بما يكفي ليقترحوا أن يكون الرئيس من النواب وأن يكون وزراؤه أيضاً وهذا أحد السيناريوات في حين يرى فريق آخر ان يكون الرئيس من خارج القبة أي غير نائب وأن يكون في الوزراء نواب بعدد محدد، سيناريو ثالث يرى أن يسمى السادة النواب قائمة من أسماء يرونها مناسبة يرفعونها لجلالة الملك ليختار منها، في حين يرى أصحاب سيناريو رابع ابقاء الأمر لجلالة الملك لاختيار رئيس الوزراء كما هي العادة الدارجة.
أصحاب السيناريو الأول يستعجلون انفاذ تجربة الحكومة البرلمانية مع غياب الاحزاب المكونة لها والرافعة لعملها ويرون في الكتل وأشباه الكتل أو حتى الحالة القائمة بديلاً عن الأحزاب وهي مسالة ستثير الكثير من الخلافات وتجعل ما توفر من أحزاب ينفرد في احتكار الاختيار وفي جانب توزير النواب دون أن يكونوا حزبين اعادة تكرير تجربة فشلت حين وزّر نواب في الحكومة بعد استئناف الحياة النيابية في حكومة السيد مضر بدران بعد عام 1989.
أما أصحاب السيناريو الرابع والذي يبقي الأمور كما هي في المرحلة الانتقالية إلى أن تتكامل مكونات الحكومات البرلمانية ويعمر البرلمان بالأحزاب فيرون أن يمارس الملك حقه المنصوص عليه في الدستور قبل أي تعديل وذلك بتعيين رئيس وزراء أو تنسسيب رئيس وزراء دون تدخل في هذه الصلاحية ودون طرح أسماء او تنسيب أحد فيسمي الملك الرئيس أو يعينه ويطرحه على ثقة البرلمان فإن فاز بالثقة استمر في عمله وإن لا فإنه يرد.
هذه السيناريوات الأربعة هي ما يتعامل معها الآن الدكتور فايز الطراونة ويسجل أمام كل سيناريو أسماء النواب الذين يدعون اليه ويستمع إلى مفاضلاتهم حول كل اقتراح منها وتبريراتهم فيما ما يذهبون اليه كما يتوقف معهم عند نقاط الضعف والقوة لكل سيناريو.
بعض الكتل تقول إن الرئيس يجب أن يكون جديداً وغير معاد من رئاسة أو مرحلة سابقة والبعض لا يرى ذلك ويتمسك بالخبرة والتجربة ويرى فيها القدرة على عبور المرحلة الانتقالية.
ويبدو أن السادة النواب الجدد أكثر ترو من القدامى وأقل مطلبية والحاحاً في هذا المجال في حين يستعجل الحزبيون في البرلمان ركب موجة التغيير والانتقال بسرعة رغم محدودية تمثيلهم للمقاعد.
ورغم رفع سقف التوقعات في قدرة البرلمان على الخروج من امتحان اختيار رئيس الوزراء إلا أن الواقع البرلماني يعكس ضعف المكونات والآليات التي يمكن أن تنجز اختيار الرئيس وذلك نتاج اهتزازات الكتل البرلمانية في اختيار رئيس مجلس النواب ووقوع حالات من الانسحاب والاضافة وتغيير المواقف والموضعة وكثرة التقلبات..
ما زلنا بحاجة إلى وقت أطول لتصليب الكتل وبنائها على ضوء قواسم مشتركة من قناعات المنخرطين فيها ورؤية أقرب ما تكون إلى الرؤية الحزبية والابتعاد عن الانفعالات والرغبات الشخصية والنزوع إلى القيادة الفردية بلا مسوغات..
ما يجري هو اختبارات لصياغة مرحلة انتقالية أكثر تطوراً من الماضي وهي مرحلة حتى مع قيامها لا تصلح لاستمرارية الانسحاب على المستقبل الذي لا بد أن يتبلور بسرعة وهذا لا يحدث إلا من خلال تطوير قانون الانتخاب القادم من جهة وتطوير الحياة الحزبية وجعلها فرض عين وليس كفاية على الكتل أو القوائم الوطنية التي تريد الدخول إلى البرلمان أي منع الانخراط في الكتلة مستقبلاً لمن هو ليس حزبياً وبذلك يأخذ الحزبيون المقاعد المخصصة سواء القائمة الآن والتي يبلغ عددها (27) أو أي اضافات لاحقة لها اذا ما جرى تعديل ذلك في قانون الانتخابات..
الجديد أننا كسبنا الان حوارات داخل البرلمان وبين الكتل وبين النواب وناخبيهم وبين النواب ورئيس الديوان ممثلاً للملك وهذه الورشة مفيدة لا تبرز ضرورة الحوار والرغبة فيه فقط وانما تبرز الكثير من القضايا الوطنية والملحة التي يرى النواب أن طريق حلّها يتم من خلال البرلمان القادر على إعادة صياغة واقع التشريع والرقابة وايضاً الشراكة الحقيقية في تشكيل الحكومات وهذا الامتحان لا بد أن نستكمل أوراق اشتراطاته لنحقق الهدف وهو حكومات برلمانية قادرة على الاستمرار.