ماذا سيسمع رئيس الديوان من النواب ؟

 

أخبار البلد 
أتمنى أن يكون النواب قد أدركوا الرسالة التي أرسلها الملك في خطاب العرش ، خاصة ما يتعلق بموضوع تشكيل الحكومة ، ودور مجلسهم في ذلك ، وأيقنوا أيضا أن الملك وضع الكرة الآن في مرماهم ، بحسن اختيار مواصفات وشخصية الرئيس ، وبالتالي الوزراء ،وبالوقت نفسه مدى التكامل بين السلطتين ، في مواجهة التحديات الوطنية ، التي في مقدمتها الاقتصادية والسياسية، وفق برنامج واضح المعالم يؤسس لإعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة ، جنبا إلى جنب مع تحديد التشريعات التي تحتل أولوية وطنية بحت . فالملك يريد مسؤولية كاملة متكاملة للسلطتين ، لضمان المسيرة الاصلاحية بَعيدا عن تغول سلطة على أخرى ، أو إضعاف سلطة لحساب أخرى ، على اعتبار أن الوطن هو الخاسر في نهاية المطاف.
خلال الستة أشهر الأخيرة حمل الملك وحده ملفات الوطن الداخلية والخارجية كافة ، واستجاب لدعوة الناس إلى قيادة حركة الحوار الوطني شخصيا بعدما اغترب الناس عن مؤسستيهم التنفيذية والتشريعية ، وأصبح لزاما إعادة المركب إلى مساره الصحيح ، فكانت الانتخابات، وجاء مجلس النواب ، وها هو المولود الحكومي سيخرج للحياة ، ضمن نموذج برلماني بحت ، أساسه المسؤولية المتكاملة التي سيحاسب عليها الشعب . من هنا خاطب الملك المواطن لتحمل مسؤوليته تجاه مسيرة الاصلاح وعمل النواب . ماذا فعلوا ، وكيف يتعاملون مع قضايا الوطن ؟ فالحساب لا بد أن يعكس الأداء.
لا أظن أن الذين ينادون بتشكيل حكومة من داخل البرلمان لم ينظروا إلى التجربة التونسية ، كيف فرض الواقع السليم على حمادي الجبالي "فرط الحكومة السياسية " لتشكيل حكومة تكنقراط قادرة على "تلقف" كل قوانين المشروعات والتوجهات وتنفيذها على أفضل الأسس العلمية الشفافة ، والعمل الجاد الذي يُقنع المواطن الأردني بأن هناك تغيرا حصل ، وأن تقدما يسير ، وأن لتمثيلهم في البرلمان فاعلية واقتدارا ؟.
رئيس الديوان الملكي يجيد الإصغاء ، ومن الطبيعي أن لا يوحي أو يشير أو يتعاطف مع أي من الشخصيات الوطنية، لأن رسالة الملك تريد أن يسير مجلس النواب والحكومة على خطين متوازيين متكاملين في تحمّل المسؤولية المطلقة على كل مفاصل وحيثيات وعناوين العمل في المرحلة المقبلة ، لكن المواطن لا يقبل إلا أن يكون الملك هو عين المواطن أو أن يكون المواطن دائما في عين الملك . فإذا أفلح النواب بأدائهم وانعكس ذلك على الحكومة ، فذلك هو أساس استمراريتهم ، ورضا الناس ، واذا انحرفوا لمصالح خاصة ، وتبعثرت جهودهم ، وساد صراخهم ومناكفاتهم واستعراضاتهم ، فبالضرورة أن ينعكس ذلك على أداء الحكومة التي ستنكفئ على نفسها ، وبالتالي انشغالها في رد اتهامات النواب .
هذا الأمر ؛ وبهذه الصورة ، يتطلب من النواب التفكير الجاد والحقيقي بمواصفات رئيس الحكومة ذي الخبرة والدراية والاستقامة والنزاهة ، القادر على التفاعل مع متطلبات الناس وهمومهم وأولوياتهم ، وطرح الأفكار الجريئة ، غير المرائي أو المداهن أو المتملق ،
القادر على قول الحق ، والتصدي الى كل ما هو ضد مصلحة الوطن والمواطن ، المعروف بالاستقامة والعلم ، والمخلص لثرى هذا الوطن والأمة ،المدرك للتحديات التي تواجه الوطن .
شخصيات تتوفر فيهم مثل هذه المواصفات ، هم المتواصلون مع الناس ، القادرون على كسب ثقتهم .
رئيس الديوان الملكي يفهم الرسالة الملكية ويعرف أن الذين سيتحملون مسؤولية إرضاء الشعب - وهي غاية ليس من السهل إدراكها - نادرا ما يقبلون المنصب الحكومي ، ضمن إطار العمل الصادق ، ويُعرف أنهم سيكونون بالأساس هم الذين ستتفق آراء غالبية المجلس عليهم كونهم المعنيين بإنجاح الحكومة ، وبالتالي إنجاح مجلس النواب. فإن أفلح الوزراء أفلح المجلس ، وإن أخفقوا أخفق.
دور رئيس الديوان هو الإصغاء العميق و تسجيل ملاحظات ومطالب النواب ورفعها لجلالة الملك من دون زيادة أو نقصان . ومن الملاحظ أن توجهات النواب في بداية الحوار تصب في صالح اختيار شخصية جديدة ترأس الحكومة، وهل يريد النواب صفحة جديدة يبدأون منها ؟!!
ولكن ؛ هل سيصمد هذا المقترح ، وهل هو الأفضل ، في خضم .التحديات