بوادر انهيار قطاع التأمين في الاردن



بات من الواضح إن قطاع التامين في الأردن بكل مكوناته يعيش أصعب الظروف في غياب وزارة الصناعة والتجارة وهيئة قطاع التامين عن الواقع وإيجاد الحلول العلمية للخروج من ازمتة المستفحلة. 
ولهذا فقد أصبحت الملايين من استثمارات التأمين في مهب الريح، حيث تعصف في القطاع القرارات الارتجالية، وانعدام لغة الحوار، أوإيجاد نقاط مشتركة بين الشركات مع هيئة التامين واضطراب الأوضاع الاقتصادية والتي خيمت بظلالها على جميع القطاعات. 

ومن الواضح إن أزمة وخسائر التأمين الإلزامي على الشركات تزداد ، خاصة مع ظاهرة مع افتعال الحوادث المرورية ، وارتفاع الإقساط مما أدى إلى تكبد الشركات خسائر فادحة، تجاوزت خلال العقد الأخير 120 مليون دينار تقريبا وان المخاوف تتزايد بأن يتم تشريد مئات الموظفين وفصلهم من عملهم ولجوئهم إلى الاعتصامات لحماية مصدر دخلهم الوحيد. 
كل ذلك يجرى وبعض المواطنين تحدثوا عن الارتفاعات المتوقعة على تأمين السيارات الإلزامي مما سيزيد الأعباء على المواطنين خاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات. 
في نفس الوقت يؤكد عاملون في شركات التأمين أن شركات التأمين تحقق خسائر جراء التأمين الإلزامي من سنوات طويلة وقد تراكمت هذه الخسائر ولا يجوز إن تستمر الشركات ببتحمل خسائر جسيمة من التأمين الإلزامي دون وجود أي حلول من قبل هيئة التأمين والتي وجدت لتحفيز هذا القطاع وزيادة حجم استثماراته. 
وإمام كل ذلك من الواضح إن هيئة التامين لم تصل لأي معادلة لإرضاء الطرفين ، وهنا لابد من التنوية على عدم وجود تمثيل لشركات التامين في مجلس الهيئة لإضافة الاختصاص في المجلس الشبه حكومي بالإضافة إلى جانب الخبرة والمعرفة المالية المتوفرة للمشاركة في القرارات التي تهم القطاع لتكون قادرة على تطوير أعمالها بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني،وللخروج بقرارات من شانها تصحيح وضع القطاع للأفضل وحماية حقوق المؤمنين والمؤمن لهم والسماح بدخول استثمارات جديدة خاصة مع اشتداد الأزمة المالية وتوالي انهيار شركات التأمين دون عقد هيئة قطاع التامين ولو حتى لورشة عمل وجلسات حوار وعصف فكري مع ممثلي القطاع والمختصين لإنقاذ قطاع التأمين الأردني. 
جميع هذه العوامل مجتمعة أو منفردة،وهنا الأسئلة التي تطرح نفسها، ما الذي يحدث لقطاع التأمين وأين الصناعة والتجارة والحكومة ومجلس النواب ؟ 

ان الحكومة لم تحاول إنقاذ هذا القطاع عبر إيجاد إدارة قوية لهيئة التامين كضرورة ملحة تستوجبها معطيات السوق الراهنة، بحيث يتم التعامل بحرفية مع المستثمرين، ولم تضع أهمية لتمثيل القطاع في مجلس الهيئة لتبني هذه المشاريع كما جاء السبب من إنشاء هذه الهيئة بالأصل قبل سنوات ،لم يتم إيجاد لجنة لحل النزاعات بين الهيئة والشركات التي يتم إيقافها عن العمل مع العلم بأن مجموع الغرامات التي دفعتها شركات التأمين خلال عامي 2008-2010 وصل الى 548.5 ألف دينار ، وكل ذلك يجري في غياب إدارة هيئة قطاع التامين عما يجري وبدل إن تقوم بدراسة واقع الشركات المتعثرة والتسهيل عليها والسماح بإدخال مستثمرين لتطويرها تقف الهيئة في قراراتها أمام ذلك كعقبة لتزيد من أزمتها والشواهد كثيرة خاصة، وإن عشر شركات تأمين من أصل 27 شركة عاملة في السوق تعاني من ارتفاع الخسائر وهي مهددة بالتصفية . 
و الواضح إن هناك خلل كبير في هيئة قطاع التامين ، وهذا ما جعل خيار دمجها ضمن المراجعة الحالية للهيئات والمؤسسات المستقلة آمر مطروح بعد عجزها الواضح عن حل مشاكل القطاع ، رغم الفرص التي أعطيت لها ، ناهيك عن المخالفات المالية والإدارية التي ترصدها الجهات الرقابية كديوان المحاسبة والمظالم وغيرها . 
وهنا على الحكومة التدخل فورا لوضع خطة إصلاحية تشمل جميع أعمال القطاع الذي يشرف على شركات تتعامل بملايين الدنانير وكانت ترفد الخزينة بملايين الدنانير علما بأن الهيئة قد رفدت خزينة الدولة في العام قبل الماضي بمبلغ(700) ألف دينار فقط. 
لقد فشلت الهيئة في تطوير اعمالها وعلى سبيل المثال لا الحصر فلا ربط الالكتروني أو حسي بينها وبين شركات التأمين بل أفرزت تناقضا جليا فيما يتعلق بقدرة الهيئة على خلق توازن بين كونها جهة حكومية تنظم القوانين والأنظمة والتعليمات بل أصبحت جهة تعاقب الشركات على كل صغيرة وكبيرة ووضعتها في قفص الاتهام دون أي حماية. 
وفي النهاية فان اقتصاد البلد المتعثر أصبح يرمز لها استثماريا أمام المستثمر الأجنبي لثلاث عوامل رئيسية هي القضاء العادل وجهاز مصرفي متين وقطاع تأميني قادر على توفير الحماية لممتلكاته واستثماراته ، وعلى مجلس النواب والحكومة التحرك سريعا لاتخاذ القرار بنقل صلاحيات الهيئة ونقل صلاحيتها إلى وزارة الصناعة والتجارة كسابق عهدها لتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل إنشاء هيئة التأمين.