ثوابت سورية

 

 
لكل بلد تقاليده السياسية والثقافية والاجتماعية التي لا تنسب الى زعيم أو حزب أو تيار بعينه بل هي من صنع وملك ومحصلة التجربة العامة على مدار سنوات الاستقلال.. ولو أردنا تلخيص الثوابت السورية الاساسية فأبرزها:
1 - الثقافة والتاريخ الوطني والقومي فلا يمكن لسورية أبدا إلا أن تكون في خندق مقاومة الاستعمار وأعوانه وكلّما تمكن مستعمر أو عميل من السيطرة عليها بضعة أعوام، سرعان ما وجد نفسه يدفع ثمن ذلك غاليا وتعود سورية عربية مستقلة ويلاحظ هنا وحيث تبدّلت عواصم عربية بين المعسكرين المتصارعين بقيت سورية في المعسكر الوطني، بل إنها لم تتأثر كثيرا بسقوط أكبر دولة عربية (مصر) تحت الهيمنة الامريكية، وسقوط أكبر عاصمة عالمية هي موسكو خلال سنوات يلتسين.. ومرّت فترة كانت سورية وكوبا وكوريا الشمالية الدول الوحيدة التي ظلّت مستقلة عن عالم الشركات الامريكية والاوروبية.
2 - بسبب دور الجيش العربي السوري في الحفاظ على وحدة الدولة والمجتمع والهوية القومية واستهدافه لهذا السبب من قبل العدو الصهيوني في حزيران 1967 وحزيران 1982، إلا أنه كان يخرج أقوى في كل مرة.. ومن المؤكد أن استهدافه هذه الايام للاسباب ذاتها وبالوكالة عن اسرائيل وامريكا وتركيا والرجعية، سيزيده تجربة وقوة واقتدارا تماما كما حدث معه بعد قيام الجماعات الطائفية التكفيرية بالاعتداء عليه 1983 لاستكمال العدوان الصهيوني 1982 وأهدافه بتمرير كامب ديفيد ومبادرة ريغان..
ويلاحظ عموما، أن العمل العسكري للعصابات الطائفية وانشقاقات بعض العسكريين لم يزحزح الجيش العربي السوري قيد أنمله عن دوره وقوته.
3 - وبالرغم من كل مظاهر الفساد والتخاصية واختراقات البنك الدولي للاقتصاد السوري إلا أنه ظل عموما اقتصادا منتجا وطنيا بما هو في الاصل اقتصاد الدولة والقطاع العام في سماته الاساسية وليس بلا معنى أن سورية باستثناء صفقات الاسلحة مع روسيا، هي أقل الدول مديونية في العالم كله.
4 - ما من مقاومة عربية أو في الاقليم لم تنطلق أو تدعم من سورية من المقاومة الفلسطينية الى المقاومة اللبنانية الى المقاومة العراقية الى المناضلين الاكراد والارمن من أجل حقوقهم القومية في تركيا الطورانية (العنصرية)..
وما من مقاومة خانت الخبز والملح كما يفعل خالد مشعل هذه الايام إلا وتعود الى دمشق بعد اكتشافها للاوهام الامريكية- الاسرائيلية- الرجعية- وليست التجربة الفلسطينية خافية على أحد.
5 - إن التحالف السوري- الروسي راسخ رسوخ الايام ما دامت تركيا الاطلسية قائمة ودورها الامريكي يطوف في القفقاس فلا يحلمن أحد بفك هذا التحالف.
6 - وبخصوص ايران، ليست سورية جزءا من المعسكر الايراني، بل إن العكس هو الصحيح، فكل القيادات الايرانية تربت وترعرعت على يد السوريين عندما كانت في المنفى تعارض شاه ايران ودولته الامريكية- الاسرائيلية.
7 - لكل ما سبق لا يتوهمن أحد بأن سورية لقمة سائغة، ولن يقرر أحد عنها ما هو مستقبلها وعليهم أن ينتظروا عيدي الفطر والاضحى عيدا وراء عيد بانتظار سقوط لن يحدث أبدا ومن المؤكد أن النار السورية ستحرق كل من ساهم بإشعالها.