خطوة إلى الأمام، خطوة إلى الخلف



في اليوم الذي بدأت فيه لجنة الانتخابات المركزية تنظيم وتنقيح وتحديث سجل الناخبين الفلسطينيين، في الضفة والقطاع، بدون القدس، كخطوة عملية أولى، ربما تكون يتيمة بلا أفق، وربما تكون تمهيدية لخطوات متلاحقة، تحترم فيها ومن خلالها إرادة الفلسطينيين في الضفة والقطاع، عبر انصياع طرفي الخلاف أو طرفي الاتفاق، لحقوق الفلسطينيين في اختيار قيادتهم الموحدة، عبر صناديق الاقتراع، بعد أن انتهت ولاية الرئيس والمجلس التشريعي، وباتا في موقع سياسي بلا غطاء جماهيري شرعي حقيقي. 
في يوم 11/2/2013، أعلن سلامة معروف مدير مكتب الإعلام لحكومة حركة حماس الانفرادية في قطاع غزة، عن إنشاء وكالة أنباء رسمية لأول مرة منذ انقلاب حزيران 2007، وجاء في التصريح لمدير الوكالة ما نصه "بقرار من مجلس الوزراء، وبإشراف المكتب الإعلامي الحكومي تم تأسيس أول وكالة رسمية للحكومة، تحمل اسم وكالة الرأي الفلسطينية للإعلام، بحيث تشكل مصدراً مهماً لأخبار ونشاطات الحكومة وتصريحات وخطابات رئيس الوزراء إسماعيل هنية "برافو وألف مبروك"، كي يحتفل شعب الضفة والقطاع بالحدثين معاً، تنقيح جداول الناخبين أولاً وإنشاء وكالة أنباء رسمية ثانياً، تضاهي "وفا" وربما تتفوق عليها، أسوة بين الحكومتين المتنافستين، حكومة الائتلاف الوطني في رام الله، وحكومة "حماس" الحزبية في غزة. 

للذين لا يعرفون، أو نسوا، أن مؤسسات "دولة غزة" متكاملة، حكومة ومجلساً قضائياً وأمناً مستقلاً، ومجلساً تشريعياً يكتمل بصور الغائبين، وزيارات رؤساء دول، وتمويل مالي، ودعم سياسي من قبل حركة الإخوان المسلمين، أكبر وأقوى حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، وها هو يكتمل بإنشاء وكالة أنباء رسمية فما هو المطلوب أكثر من ذلك ؟ ثمة مطلب يمكن أن يتحقق وهو فك الحصار الظالم المفروض على شعب القطاع من قبل العدو الإسرائيلي، وهو قرار سياسي وأمني، تم ترسيمه رسمياً في تفاهمات القاهرة التي تم التوصل إليها إسحق مولخو مستشار نتنياهو مع عصام الحداد مستشار الرئيس محمد مرسي للشؤون الدولية بحضور مديري مخابرات الطرفين، وبالتالي يمكن إعادة النظر فيه أو بعض مضامينه أو بعض إجراءاته مع تعزيز عوامل الثقة بين الطرفين في لحظة سياسية مقبلة، بين الإخوان المسلمين وإسرائيل، بعد استتباب النفوذ والسلطة واستقرارها للإخوان المسلمين في مصر وتونس والمغرب وغيرها كما هو حاصل الآن في قطاع غزة، حيث سيطرة منفردة مستقرة للإخوان المسلمين بدون منازع، وبوجود معارضة فلسطينية دافئة هادئة مستكينة من قبل باقي الفصائل والأحزاب والشخصيات الوطنية والقومية واليسارية والليبرالية. 

لن تضيف "وكالة الرأي" التابعة لحكومة حركة حماس شيئاً جديداً، ولن تنافس وكالة "وفا" الفلسطينية، ولكن الخطوة مهما بدت صغيرة أو متواضعة، ولكنها تعكس الرأي وموقف وتوجه حكام غزة، ورغبتهم في تأكيد الانفصال المؤسساتي، بخلق مؤسسات موازية، وحدها ستحتاج لحوارات واجتماعات لإعادة توحيدها أو وصلها مع بعضها البعض. 

يفرح الفلسطينيون وأشقاؤهم وأصدقاؤهم لكل خطوة وحدوية تقترب من الهدف، والهدف واضح بائن: التراجع عن الانقلاب، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، فالوطن الفلسطيني يتآكل إسرائيلياً ويهودياً وصهيونياً، ومثلما باتت إسرائيل واقعاَ يصعب إزالته أو تغييره في مناطق 48، فالاحتلال في مناطق 67 بات واقعاً مماثلاً ثقيلاً في القدس، وفي مناطق الاستيطان والتهويد والأسرلة، وهذا لا يعني أن حصيلة المشروع الاستعماري الإسرائيلي سيبقى مستقراً أو آمناً إلى الأبد، بل باتت فرص تغييره أصعب، في ظل الانقلاب والانقسام وغياب وحدة البرنامج والمؤسسة والأداة الفلسطينية المتماسكة، فالخطوة الأولى الجادة للنضال ضد الاحتلال ومشروعه الاستعماري توحيد الشعب الفلسطيني ومؤسساته وأدواته الكفاحية، بدون ذلك عبث وفوضى وتضحيات بدون نتائج!!.