نواب أكلوا حقوق الناس بالباطل !!!


مهدي مبارك العبد اللات

بداية لم أكن أرغب الخوض في هذا الشأن لأن لدي قناعة راسخة وتجربة عميقة مسبقة ومعرفة جيدة بأن كثير من السادة النواب السابقين والمستجدين سيصبح لديهم حساسية شديدة ومفرطة بعد تحقيقهم الفوز ووضع اللوحة الحمراء على مركباتهم والتحلي بقسط من النفوذ والجاه الاجتماعي الذي كان الأصل لخوض كثير منهم غمار الانتخابات النيابية ويزداد انتشار فيروس التحسس في نفسيا تهم قبل أجسادهم اتجاه كل ما ينشر عنهم من نقد بأي شكل موضوعي كان أو عشوائي يمس سلوكهم النيابي أو قدراتهم العملية أو تخاذلهم وانحراف بوصلتهم نحو تحقيق المكاسب والمغانم وتقديم المصالح الشخصية على مصلحة الوطن والمواطنين

منذ نهاية حادثة الانتخابات المؤلمة نزاهة وشفافية وممارسة وتطبيق وظهور النتائج بصورة لم ترضي الشارع الأردني المغيب قصرا ومنذ أيام استمعت إلى أكثر من قصة ولوع شكاوى مريرة لعدد من الشابات والشباب الذين عملوا مع نواب حالفهم الحظ بالوصول إلى قبة البرلمان بأي وسيلة نقية وسليمة أو ضبابية ومشكوك فيها من الجذر إلى الأوراق حتى الساق

ويطرح العديد من هؤلاء المغدور بهم والمكلومين والمهضومة حقوقهم والمسروق تعبهم والمسلوب عرقهم الذين عملوا مع بعض النواب في توزيع المنشورات وحراسة المقرات وتعليق اليافطات والترويج للبيانات ونقل الناخبين وإقناع المترددين ليل نهار وصبح ومساء بجهود جبارة وتعب كبير وعنا شديد جراء الوقوف طويلا في استقبال الضيوف وتقديم المياه والحلوى والإشراف على إعمال النظافة ومتابعة أدق التفاصيل في المقر الانتخابي والشارع العام

والوقوف والانتظار حتى ساعات الفجر الأولى في مراكز الفرز ليزفوا البشرى لمعلمهم وخيارهم بالفوز والظفر والأمل يحدوهم بتقدير جهودهم ومواقفهم وحرصهم ومكافئتهم بمزيد من التقدير والعرفان والابتسامة العريضة تملأ وجه نائبهم بطول السنة وعرض الأيام ساعات من الفرح الغامر يتبعها اضمحلال لكل أمل ورجاء حيث تخلى عنهم من عملوا معه ولأجله أيام عجاف ليعود إليهم بسحنة جديد وصرامة غير معهودة وفوقية واضحة

متنكرا لحقوقهم وأجورهم وامتيازاتهم التي وعدهم إياها وكانوا يحلمون بها بعد فوزه ليقفوا على حافة الدهشة والاستغراب وهم يعيشون مع نائبهم المبجل حالة يرثى لها من عدم المبالاة والتطنيش والتسويف والمراوحة وإظهار رغبته القوية في عدم دفع أجورهم ومستحقاتهم عن الفترة التي عملوا فيها ضمن فريق حملته الانتخابية أو تقديم فتات من الدنانير للبعض لا تكفي كحق طبيعي لمجهود يوم عمل واحد وادعاء سعادته بأنه انفق الكثير على حملته ولم يبقى معه ما يقدمه لهم وعليهم الاستسلام للواقع بكل ما فيه من غبن ونكران وجحود

عدد كبير من الشابات والشباب طلبة جامعات أو متخرجين جدد ونظرا للبطالة المستفحلة وجدوا أنفسهم مضطرين للعمل في هذا المضمار الذي أكثره غير محمود العواقب في الوفاء والالتزام كان يأمل بعضهم في مبلغ مالي محترم يساعدهم في دفع رسومهم الجامعية وتغطية شئ من نفقات الفصل الدراسي من كتب وملابس ومواصلات والبعض
الآخر رجال يعيلون أسر أو ربات بيوت أرامل أو مطلقات بلا معيل عليهن مسؤوليات جسام وجميعهم عاشوا معنويات شبه حقيقية بمساعدة أسرهم وذويهم لكن الحلم تبخر والأمل ضاع مع نواب كانوا ينتظرون الفوز فقد ثم يتنكروا لكل وعد وعهد والتزام في أمور بسيطة لا تستدعي من كل من يحترم نفسه وموقعه ومجلسه أن يضع نفسه فيها ليكون ممن يأكلون حقوق الناس وتعبهم وجهدهم وعرقهم بالباطل والبلطجة وقوة النيابة الجديدة وسلطة الحصانة

بعض الشباب تحدث بحسرة وألم وقهر قائلا أنا لم أخسر حقي في أجري فقط لقاء عملي مع بعض النواب لكن المصيبة أنه ترتب علي ديون للمول ثمن مشروبات عازية وللمكتبة ثمن أعلام وأدوات زينه وكذلك أجور لبعض الزملاء الذين جلبتهم للعمل مع النائب المحترم وتعهدت لهم شخصيا ببدل أتعابهم فلم احصل على أجري ولا أجورهم لان النائب أصبح لا يحصر ألينا كالسابق وكلما اتصلت على هاتفه الخلوي يرد علي السائق سعادته في المجلس أو في اجتماع أو الهاتف مغلق أو لا يمكن الاتصال به وبهذا الحال ضاعت حقوقنا ونحن ننتظر بلا أمل ولا فرج قريب ولا مجيب

وهنالك روايات وقصص تتوالى لرفض وتمنع بعض النواب عن الوفاء بالحقوق لأصحابها بعدما حجزوا مقاعدهم في البرلمان فالشكاوى تتابع من العديد من الخطاطين وأصحاب المطابع ومحال بيع الأقمشة ومحلات تأجير الكراسي والصواوين والأجهزة الصوتية ومالكي بعض الصحف والمواقع الالكترونية لعدم دفع ثمن الإعلانات والتهرب من كل وسيلة يمكن تحصيلها بالحق والعدل والمنطق

البعض يهدد بالشكوى إلى رئاسة المجلس الجديد وآخرون سيلجئون إلى القضاء والمغلوبين على أمرهم فضلوا الحديث لكل من يجدوه في طريقهم عن ظلم وأكل هذا النائب أو ذاك لحقوقهم وإتعابهم وتحذير الناس من التعامل معه في المرة القادمة والسؤال المطروح في مثل هذا الحال أيهما أولى لسعادة النائب دفع حقوق الناس وشكرهم والوقوف معهم كما وقفوا معه عندما كان يتوسل إليهم ويرجوهم ويطرق أبوابهم ويستجدي أصواتهم أم أقامة مهرجانات الفوز والبهرجة وتوزيع الحلويات والعصائر ببذخ استعراضي أم سداد ديون المساكين البسطاء من الشباب والشابات والسيدات والرجال الذين عملوا معه وثبتوا على العهد والوعد بدعمه ومؤازرته وما أن يفوز حتى يتخلى عنهم ويتنكر لهم أليس الحق أن يبري ذمته حيال جميع حقوقهم

ولا يفوتنا أن ننوه بأن العديد من المرشيحن الذين كان الفشل حليفهم فعلوا أكثر مما فعله بعض النواب السالفين حيث رفضوا سداد الناس ديونهم وإعطاء العاملين معهم حقوقهم ولا زالت ذممهم مشغولة بالديون والمظالم

إذا لا بد من وقفة صادقة مع النفس والضمير ومراجعة سريعة ورد الحقوق والأمانات إلى أهلها قبل أن يأتي يوم لا ريب فيه يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا برلمان ولا منصب ولا جاه يوم تصطف الخلائق أمام الخالق ترجوا الرحمة والمعفرة والجنة فيعفر الله لمن شاء ويترك العباد لبعضهم يتصافوا في حقوقهم وذممهم

وتذكروا أيها النواب أن من اشترى منكم أصوات الناس بماله الحرام يجب ألا يغمط ويظلم الناس ومن عملوا معه ضمن حملته الانتخابية بنفس أسلوب الحرام البغيض واعلموا أنما الحياة الدنيا أيام وسويعات ما يلبث أن تنقضي وتذهب وفجأة يجد العبد نفسه موقوف بين يدي الجبار الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور

وان من علامات الإيمان الصادقة أن يكون المسلم ذا وفاء وقيام للحق وتسديد للدين دون أي مماطلة إذا أمنك أخوك على حق بينك وبينه لم يكن هناك كتابة ولا رهون ولا إشهاد ولكنه أمنك واطمأن لإيمانك وصدقك فإياك أن تخونه وإياك أن تسيء ظنه بك وإياك أن تكذب عليه في حقوقه

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من كان له عند أخيه مظلمة من مال أو عرض فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم أن كان له حسنات أخذ من حسناته وان قضيت الحسنات قبل أن يقضي عليه أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه فأبرئ ذمتك أيها النائب المحترم من حقوق العباد وأدها أداء كاملاً ولا عذر لك إلا أن تكون معسراً عاجزاً عن التسديد

وفي الحديث الصحيح أيضا يقول عليه الصلاة والسلام يقول الله جل وعلا ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطيه أجره

وقد أوصى أهل العلم الصالحين بالدعاء العظيم في جوف الليل البهيم على كل من أكل حقوق الناس بالقول ( اللهم فمن حرم الناس حقوقهم وأموالهم وماطل بهم فاحرمه الجنة وضيق عليه عيشه كما ضيق على الناس عيشهم اللهم امحق بركة ماله وعياله ونفسه وصحته حتى يرد لهم أموالهم اللهم جازه شر ما جازيت اللهم أدم عليه سهره واقطع عنه سروره ولون عليه همومه وأكثر بؤسه وشيبه وحطم فؤاده واسقه كأس المنون بعد أن تسقيه كؤوس البلاء حتى يعود للحق ويرد الحقوق لأهلها اللهم إني أسألك بأنك أنت الله رب كل شي ومليكه أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن أسألك يا قوي يا متين أن ترد حقوق المظلومين بقوتك وجبروتك يا عظيم اللهم آمين ) ومن الآفات التي انتشرت في مجتمعنا الحاضر أكل أموال الناس ظلما وعدوانا بالباطل
mahdmublat@gmail.com

تم حجب التعليقات بناءا على طلب الكاتب