مؤيد العتيلي حد السيف

مؤيد العتيلي حدً السيف
أعرف مؤيد منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً وكان أول تعارفنا رفاقاً في الحزب الشيوعي الأردني وفي نقابة العاملين في المصارف والتأمين والمحاسبة ، وقد جمعتنا عضوية منظمات حزبية دنيا وعليا خلال مسيرتنا الحزبية وعضوية الهيئة الإدارية للنقابة وأهم ما يميزه طوال معرفته به وحتى قبيل وفاته بأيام حديته وإنحيازه للموقف المبدئي مهملاً التفكير بالذات والخسائر الشخصية وجهله المطبق بالأمكنة المناسبة لإكل الكتف .
عندما إشتدت الخلافات داخل الحزب في بداية الثمانينات من القرن الماضي وقررت قيادة الحزب المتكلسة في حينه فصل الرفيق محمد أبو شمعة من عمله في نقابة المصارف وكان على وشك الخروج من السجن بعد قضاء خمس سنوات لإسباب سياسية نضالية منها عضويته بالحزب ،(كان خلاف أبوشمعة مع قيادة الحزب بسبب حماسه لتأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني المستقل ورفع وصاية الشيوعي الأردني عنه ) ويومها وقف مؤيد بكل جرأة ورجولة ورفض قرار الحزب ووقفنا جميعاً معه وفاءً للرفيق أبوشمعة وتقديراً لنضالاته وتضحياته وأبينا أن نكافئه بحرمانه من مصدر رزقه وانتصر مؤيد لمثل الوطتية والنضال والإلتزام السياسي .
كسر مؤيد دوائر التقاليد وموروثات القيود وأختط لنفسه نهجاً حياتياً ثورياً وأخلص للثورات والثوريين في العالم من نيكاراغوا وتشيلي وكوبا وفيتنام وغبرها ولم تغره المناصب أو المصالح ولم يسع لها أويحاول ملاحقتها وكانت نفسه آخر ما يفكر بها ووقف مع الإنسان والإنسانية وضد الظلم والإستبداد أياً كان مصدره ويضع إنتهازية الأنظمة على قدم المساواة سواءً كان النظام رأسمالياً أو شمولياً ، ملكياً أو جمهورياً فلم يؤيد عسف الأنظمة الشمولية ضد شعوبها وقتلهم وتشريدهم بعكس العديد ممن يعتبرون أنفسهم ثوريين وتقدميين ويؤيدون الانظمة التي تمارس القمع والتنكيل والذبح ضد شعوبها .
مؤيد روائي وشاعر وكاتب مقالات له العديد من الأعمال الإبداعية وصدر له العديد من الروايات والدواوين وعبر من خلال أعماله الأدبية عن المعاناة الإنسانية عموما سعيها الدؤوب للحرية والديمقراطية ورفاه المجتمع وأعداء الشعوب من البرجوازيين والكمبردور وحلفائهم الطبقيين ، ونضالات الشعب الفلسطيني وتوقه الدائم للتحرير وتحقيق سيادته ودحر قوى الغزاة من صهيونية و إمبريالية كولونيالية وموثقاً إنعكاسات النكسة الفلسطينية وهزيمة حزيران ،كتب للحب والحياة وكتب عن قريته عتيل وأهلها ومعاناتهم ومقاومتهم .
ونستذكر أخلاقه العالية وأدبه وإخلاصه لإصدقائه وترفعه عن الصغائر ومرحه وروحه الطيبة وإبتسامته العريضة وكراهيته للتخلف والبلادة وتحجر التفكير والإنتهازية .
أفتطف من شعره مقطع من قصيدة حلم من ديوان بيان خاص ومناسبتها إعتقال احد الرفاق عشية ولادة أبنته الأولى مها
كانت مها تبتدئ يومها فانشطرت
وكان حصار
إنه الآن يرسم فوق الجدار قطاراً وشمساً ملونة وضفائر
يرسم فوق الجدار نهار
وأقتطف من قصيدة أرسلها لي قبل مدة قصيرة بالبريد الإلكتروني
يسمونك الله والحق والخير والعدل
والخلد والنور
لا فرار من الموت إلا إليك ثم يختلفون عليك
يسمونك الكامل القادر الفائض الرازق
ثم يقتتلون عليك
يسمونك الله الكبير الغفور الحليم الحسيب
يسمونك الزلزلة ثم يبتهلون إليك.

أحمد توفيق العبادي