خارطة الطريق

طرفان لم يستوعبا خارطة طريق التي اعلنها جلالة الملك بخطابة في إفتتاح الدورة الأولى لمجلس النواب السابع عشر ، هما : الإخوان المسلمين والكتل البرلمانية .
الإخوان المسلمون ، عن وعي وفهم وقصد قاطعوا الإنتخابات بدرجاتها الثلاث : التسجيل والترشيح والأقتراع ، بهدف واضح معلن من جانبهم وهو حجب الشرعية الشعبية عن الإنتخابات ، ولذلك طالبوا بمقاطعتها والتحريض عليها ، والتحريض ضد إجراءاتها وعلى نتائجها ، بهدف التشكيك بشرعية هذه الإجراءات ونتائجها ، وصولاً لزعزعة الشرعية برمتها عن مؤسسات صنع القرار ، ليكونوا البديل المتوقع أو المحتمل ، من خلال قانون الثلاثة أصوات الذي تفاهموا عليه مع حكومة عون الخصاونة ، وتكون النتيجة عبر 150 ألف إلى 200 ألف صوت الذين بحوزتهم كي يتم توظيف هذه الأصوات في الدوائر الثلاثة : الدائرة المحلية ، ودائرة المحافظة ، والدائرة الوطنية ، ويعطيهم ذلك الأغلبية البرلمانية المؤهلة للتحكم بالمجلسين : مجلس النواب ومجلس الوزراء . 
ولذلك ، لم يدرك الإخوان المسلمين النصيحة الملكية والرسائل المرسلة بضرورة الأحتكام إلى صناديق الأقتراع وأن يكونوا داخل الملعب مشاركين في إدارة المجتمع والدولة ، لا أن يبقوا في الشارع كمتفرجين للعملية السياسية في بلادنا ، أو مناوئين لها ، أو ثوريين مستعجلين لأهدافها . 
الكتل البرلمانية ، حديثة العهد ، فضفاضة التكوين ، فوجئت بحجم المهام السياسية الموكولة لها ، ولم يدرك قطاع واسع منهم مغزى الربيع العربي ، وتحولاته ، ومغزى إستجابة صاحب القرار في بلادنا من أجل توسيع قاعدة المشاركة ، وتنفيذ المضمون الدستوري لمقولة « الشعب مصدر السلطة « ويمارسها عبر نوابه المنتخبين ، فالفهم النيابي ما زال دون المرحلة ، لدى قطاع واسع من النواب ، وسوف يتعلمون من تجربتهم ، لغياب تجربة سابقة يعتمدون عليها ، ولذلك سنبقى أسرى غياب التقاليد البرلمانية والحزبية ، وأسرى ضعف تجربة النواب الحزبية والبرلمانية في إدارة المجتمع والدولة ، وهذا يتطلب وقت من الزمن للتعلم والوصول إلى صيغ من التقاليد البرلمانية والحزبية الأردنية . 
الإخوان المسلمون فشلوا في الرهان على فشل الإنتخابات ، وسيدفعوا ثمن فشلهم ، ولا شك أن التباينات السياسية فيما بينهم هو إنعكاس لهذا الفشل في تعزيز الموقف وفي تعزيز أهمية اللحظة السياسية وكيفية إغتنامها ، فالتحولات الجارية في العالم العربي بدءاً من غزة ومصر وتونس وإنتهاءاً بسوريا لا تسير لصالحهم ، ولهذا سيدفعوا ثمن فشل رهانهم الأردني وثمن فشل رهانهم العربي .
والكتل البرلمانية أمام تحد مماثل فهل يفلحوا في تحمل المسؤولية ويكونوا حقاً جنود المرحلة ، مرحلة التحول الديمقراطي في بلادنا ، وعبر تحقيق غرضين أولهما أمن المجتمع الأردني حتى لا نقع في مطبات بلدان الربيع العربي ، وثانيهما تحقيق الإصلاحات الديمقراطية المطلوبة .