امتحان الثانوية العامة ازمة متجددة والمضمون واحد

يعتبر امتحان الثانوية العامة من المعالم البارز للتعليم العام في الاردن وهو مؤشر حقيقي على نوعية التعليم وجودته كما انه معيار واضح لعدالة الحصول على فرص التعليم الجامعي ، وهو معمول به في العديد من الانظمة التربوية العالمية بمسميات مختلفة لقياس القدرات التحصيلية للطلبة ويمايز بينهم في مستوياتهم النمائية لجوانب شخصياتهم المتعددة .

طيلة سنوات العقد الماضي تفشت ظاهرة تسريب امتحان الثانوية العامة وتزايدت وتنوعت اساليب ووسائل الغش في الامتحان ومن اهمها الاستخدام السلبي لتكنولوجيا الاتصالات في تبادل الاسئلة والاجوبة ، وحقيقة الامر ان مشكلة الثانوية العامة هي عرض للمشكلة وليس المشكلة نفسها والمشكلة الحقيقية هي اعمق من ظاهرها وتطال عناصر المنظومة التربوية واخلاقياتها التي تشهد تراجعا في مؤشراتها ، إضافة الى تردي الثقافة المجتمعية السائدة وزعزعة المنظومة القيمية لدى المجتمع ، وهناك حيثيات واسباب متعدة لذلك من اهمها سببان ظاهران للعيان ويمكن تحسسهما من تفاصيل التردي والخلل في النظام التربوي الاردني :

- التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي محليا وعالميا انعكس سلبا على التربية والتعليم مدخلات ومخرجات ومن ضمنها امتحان الثانوية العامة ، فالفهم المغلوط والادراك الفج لمفاهيم الديمقراطية وحرية التعلبير اديا الى التعبير الخاطىء عن الديمقراطية وعدم احترام حقوق الاخرين والانظمة والقوانين والتطاول على المصلحة العامة والتغول على السلطات ، فالعبثية والممارسات السلبية من قبل الطلاب واولياء امورهم وافراد المجتمع تجاة امتحانات الثانوية العامة هي تعبير واضح عن قناعات قسرية عن مفاهيم العدالة والانظمة وحقوق الاخرين والمسؤولية الوطنية جميعها طارئة على المجتمع الاردني اوجدها اليأس والفقر والبطالة وانتشار الفساد وعدم الايمان والثقة بالسلطة التنفيذية وقدرتها على تطبيق النظام والقانون بالعدل والمساواة في المجتمع ، الامر الاخر في هذا الاطار ترسخ الممارسات السلبية للعشائرية واستقوائها و تغولهاعلى السلطة التنفيذية و على الاعراف المجتمعية السائدة المتوارثة وعلى الانظمة والقوانين حتى اصبحت ملاذات امنة للخاطين واصبحت الواسطة والمحسوبية الطريقة الانسب والاقصر لتحقيق الاهداف الضيقة ذات الابعاد الشخصية او الفئوية .

- الامر الاخر الذي انهك امتحان الثانوية العامة ووصل به الى الحضيض الضعف الاداري في وزارة التربية والتعليم ، ولا يخفى على احد ان مستوى الكفأة المؤسسية لوزارة التربية والتعليم تراجع كثيرا لاسباب كثير منها عدم الاستقرار الاداري فخلال العامين الماضيين تد اول على وزار ةالتربية خمسة وزاراء مختلفين في الرؤى واساليب التطوير ، كذلك انتقال الوزارة من وظيفة امين عام واحد الى امينين عامين ثم الى ثلاثة امناء عامين ثم الرجوع الى امين عام واحد امر محير ومربك كيف اختلفت المبررات خلال هذه الفترة القصيرة ؟ مع ميلي الى وجود امين عام واحد تجنبا للصراعات والنزاعات التي تؤثر سلبا على العمل الفني والاداري ، قيادات الوزارة تدرك المشكلة وتدرك اسبابها ولكن تتعامل معها بحذر ورسمية مطلقة كونه كل مرة يقع فيها مشكلة في امتحان الثانوية العامة لا بد من ضحية لاعلان براءة الوزارة من الاثم والعودة الى الطهارة الاولى، نحن نعلم ان مسؤولية امتحان الثانوية العامة هي مسؤولية كل الجهات الحكومية بل والمجتمع ايضا لان الامر يتعلق بالاردن وليس بوزارة التربية والتعليم ، الامر يتعلق بالتعليم الاردني وهيبته وتميزة الذي طالما كنا نفاخر به وهو الان على على المحك الحقيقي وبحاجة الى اعادة نظر ومحطات تقويمية مرحلية ممنهجة وليس فزعات وليدت اللحظة ، السناريوهات المطروجة حاليا لتطوير الامتحان معظمها تم تجريبة سابقا فقد كان الامتحان مرة واحد سنويا ثم اصبح مرتين في العام ثم اصبح على نظاام الحزم لمنح الطلبة فرص اكثر للنجاح فلماذا العودة الى المربع الاول وخصوصا اذا تعرى الهدف من التطوير ليصبح فقط تحقيق وفر مالي لتخفيف اعباء الخزينة ، من كل التجارب السابقة اتضح ان المشكلة والعيب ليس في الامتحان ولكن في اليات اجراء الامتحان وهناك مفصلان مهمان في الاليات هما : ضبط استخدام وسائل الاتصال في قاعات الامتحان" المجمعة " وعدم تخزين الاسئلة في امديريات التربية قبل يوم الامتحان والثاني السيطرة على طلبة الدراسة الخاصة .