تلميع «الوسط»
حتى لو لم يحالف النجاح النائب الدكتور محمد الحاج بالفوز برئاسة مجلس النواب ممثلا لحزب الوسط الاسلامي، فإن ما اكتسبه الحزب منذ تشكيل قائمته الانتخابية من إعلام، وحضور سياسي، وادوار منتظرة، وتشجيع من الدولة، يمنح كل المشككين في نزاهة الانتخابات النيابية، ملفا جديدا يضاف الى ملفات التشويه التي تكدست في الانتخابات.
الفوز الباهر الذي حققه حزب الوسط الاسلامي وقائمته الانتخابية، لم يفاجىء المراقبين والمشتغلين في العمل السياسي فقط، بل فاجأ الحزب ذاته، الذي لم يكن احد يلاحظ نشاطه السياسي والوطني والجماهيري قبل الانتخابات، سوى في محاضرات اسبوعية او كل اسبوعين على هامش العمل السياسي يحضرها عشرات في منتدى الوسطية، ومن خلال بيانات سياسية تعليقا على حدث ما.
قبل الانتخابات بشهر، بدأت ملامح دعم الدولة لحزب الوسط الاسلامي، كبديل عن جماعة الاخوان المسلمين، ورسالة الى الغرب ان "اصحاب اللحى" موجودون في المجلس النيابي، وقد يتواجدون في مقاعد وزارية.
راقبت ايام تقديم التهاني بعد الانتخابات وكنت استفسر تحديدا عن حزب الوسط الاسلامي، ولم اصل في يوم من الايام الثلاثة من التهاني الى اي معلومة أن الجيوش الجرارة التي صوتت لهم، تحتفل بهذا الفوز وتقيم الليالي الملاح، وتتقبل التهاني على هذا الانجاز إن كان في مقرهم، او اية منطقة اخرى اقيمت فيها حلقات التهاني، سوى احتفال في حي نزال ولأهالي قرية فاز احد ابنائها عن القائمة.
حزب الوسط الاسلامي، ومنذ اليوم الثاني للنتائج، بدأ رئيس المكتب السياسي فيه المهندس مروان الفاعوري النشاط كقائد سياسي للمرحلة المقبلة، فلم يغب عن اجتماعات مجلس النواب ولا عن تشكيل الكتل النيابية، وحضر تشكيل الائتلافات، والتكتيك لمعركة رئاسة مجلس النواب، كما اعتقد ان له حقا في تشكيل الحكومة البرلمانية، فخرج اكثر من تصريح صحافي أن الفاعوري مرشح لرئاسة الحكومة البرلمانية، وعندما لم تجد هذه البضاعة مشترين، بدأ الحزب والفاعوري تحديدا، بالعمل على زج اسم القيادي الاسلامي عبداللطيف عربيات لرئاسة الحكومة، وقاموا بدور العراب لهذه الفكرة، التي أرعبت قيادة الجماعة، خوفا من اقتناص عربيات في هذه المرحلة، وهذا ما تسبب في تناقض التصريحات في ما بين قيادات الجماعة.
لم يقف الامر عند هذا الحد، بل وصل توزيع المناصب عند حزب الوسط وقيادته، أن قام الفاعوري بالحديث مع رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري، برغبة الحزب في ترشيحه لرئاسة الحكومة البرلمانية، بعد أن اعتقد أن فرص التجديد للمصري قد ضعفت، بعد ارتفاع اسهم الحاج للفوز برئاسة مجلس النواب، وعلى اعتبار ان لوحة الفسيفساء الاردنية لا تحتمل وجود المصري والحاج على رأس المجلسين، ولو فاز الحاج فعندها سوف تطير فرص المصري.
لا أتحدث عن الحاج والفاعوري بشخصيهما، فلهما كل الاحترام والتقدير، لكني اتحدث بغصة عن طريقة تفكير عقل الدولة ومطبخها السياسي والامني، واستمرار ممارستها للعبة تبديل الطواقي، وتقريب فلان، وابعاد علان، ومحاولتها اقامة الصلاة من دون وضوء، اللهم سوى استعارة الاسم فقط، وكأن الغرب ومؤسساته لا يفرقون بين اللحى الاسلامية، مع انهم يعرفون عدد الركعات في الصلاة وفي السياسة ايضا، ولا أبالغ إن قلت أكثر منا .