شبح سوء السمعة يطارد النواب

أيام قليلة وتتضح كل تفاصيل الصورة بشأن الحكومة الجديدة ومجلس الأعيان والشكل النهائي لخارطة مجلس النواب الداخلية.

ماهو أهم من موسم التغييرات التي ينشغل بها الكثيرون، تلك الاستحقاقات التي يواجهها مجلس النواب،والمجلس ُمهدّد في شعبيته وسمعته منذ الايام الاولى، هذا على الرغم من المؤشرات التي تقول: إن أغلبية النواب يريدون ان يثبتوا للناس انهم يختلفون عن غيرهم،وانهم لا يدخلون في زفات البصم والتصفيق والتهليل، وانهم يريدون التخلص من الارث السلبي السابق.

هذا هو الجو السائد بين النواب،الذين يرقبون ايضا التشوهات في سمعة المجالس النيابية، ويريد اغلبهم التخلص من سوء السمعة المتوارث،وهذا يعني ان النواب على ماهو مفترض لن يكونوا في يد أي حكومة، وهذا استخلاص سيخضع للتجريب والاختبار.

أيا كانت الحكومة ، فقد ورثت اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي، يتعلق بمنح الأردن قرضا قيمته مليارا دولار مقابل اشتراطات أبرزها رفع سعر الكهرباء، والماء، وأيضا الاعلاف في وقت لاحق.


هذا أول استحقاق سيواجهه النواب في البرلمان الحالي، وهو استحقاق مؤلم وصعب جدا، سيحرق شعبية النواب إذا تعاملوا معه، وقبلوا مروره،وهو ايضا استحقاق لن يتمكن النواب من جهة اخرى الفرار منه، أو حتى فرض وصفات بديلة مقابله.

هذا يعني ان الحكومة المقبلة بحاجة الى النواب حتى لا يكون القرار قرارها وحيدة، وهي بحاجة الى تغطية نيابية، ولا أحد يعرف هل سيوفرها النواب أم لا، خصوصا، في ظل رغبات أغلبهم بالظهور كنواب أقوياء ومدافعين عن الناس؟!.

كل التحليلات تقول: إن النواب لن يتمكنوا من رسم الصورة الجديدة، ولن يجدوا مسربا للنجاة، وسيكون دورهم تمرير هذه القرارات.

بأمكان النواب على الأقل موازنة هذه القرارات الصعبة بحلول على جبهات اخرى، عبر الانحياز للناس في قضايا معيشية واقتصادية تتعلق بقانون الضمان الاجتماعي، المالكين والمستأجرين، الضريبة، من أين لك هذا؟ ، وغير ذلك من قوانين،بل واقتراح عفو عام، والطلب من الحكومة توزيع أراضي الخزينة على الناس، والاقتراحات لا تعد ولا تحصى هنا.


إذا اكتشفنا ان النواب ساعدوا في تمرير القرارات الاقتصادية المؤلمة، دون ان يقدموا شيئا للناس بالمقابل،على صعيد القوانين المقبلة وغير ذلك، فسيكون مجلس النواب قد اصطدم بذات الجدارالذي اصطدمت به المجالس النيابية السابقة، ونكون هنا قد حرقنا آخر السفن.

مانوده حقا، ان يجد النواب اولا حزمة بديلة عن القرارات الصعبة والمؤلمة المنتظرة، وإذا كان ذلك صعبا، فليس على الاقل اثبات رغبتهم بالتخلص من ارث المجالس السابقة والانحياز للناس،عبر القول لنا ولو لمرة واحدة فقط، انهم معنا، وذلك عبر الانحياز الى الناس، بالاضافة الى عدم التساهل في الرقابة على الحكومات.

لعل العبدلي يرفع معنوياتنا،لان شبح سوء السمعة يلاحق سكانه، وعليهم ان يطردوه، لا بالتمائم والمعوذات، بل بعزم الذي يريد للأردن ان يختلف حقا، وان يكون كما يستحق فعلا.