الاستقالة البيضاء والدروس المستفادة منها !





جاء في إحدى الأخبار العالمية , خبر جميل مفاده أن وزيرة ألمانية (تستقيل) من منصبها بعد تجريدها من الدكتوراه , وتفصيل هذا الخبر كان على النحو الأتي : أعلنت وزيرة التعليم الألمانية انيته شافان استقالتها ، بعد تجريدها من درجة الدكتوراه التي تحملها بسبب مزاعم الانتحال ، ولم تقف الأمور لهذا الحد , إنما بين هذا الخبر (الإحراج) الذي تسبب لحليفتها الوثيقة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ، وهي تستعد , لخوض الانتخابات للفوز بفترة ولاية ثالثة , وتأتي هذه الخطوة بعد 4 أيام من إعلان جامعة دوسلدورف أن الوزيرة شافان نسخت بشكل متعمد أجزاء من رسالة الدكتوراه من آخرين , وجردتها الجامعة من الدرجة التي منحتها إياها قبل أكثر من 30 عاما , وقالت شافان للصحافيين : لن أقبل قرار الجامعة وسأتخذ الإجراءات القانونية ضده ، علما أن إقامة مثل هذه الدعوة من قبل وزير ضد أي جامعة , فإن ذلك يسبب ضغوطا على الوزارة والحكومة والحزب الذي ينتمي إليه الوزير , واستطردت قائلة وأنا أريد (تفادي) كل ذلك . 
الدكتورة الوزيرة انيته شافان , المحبة للون الأحمر عند اختيار ملابسها , لكنها ليست دموية وليسن هجومية , وأن الفراشات المرسومة على شالها الأخضر حول رقبتها , آمنة مطمئنة ليست هاربة ولا مطاردة , على هذا الشال الفراشات الصفراء ساكنة , وأجنحتها منبسطة , دالة على السعادة , ولا نبالغ إن قلنا أن الدكتورة الوزيرة انيته شافان مؤدبة ومحترمة للغاية , وأنها تحمل منظومة قيم واسعة ورفيعة المستوى , وقد تبين ذلك بوضوح من خلال حيثيات (استقالتها البيضاء) الخالية من الجعجعة والخالية من التحريض , تجسد في استقالتها البيضاء انها صادقة , كيف لا وقد قالت : إن ذلك يسبب ضغوطا على الوزارة والحكومة والحزب الذي انتمي إليه , واستطردت قائلة وأنا أريد (تفادي) كل ذلك ! فعند إشعار هذه المحترمة إنها ارتكبت خطأ كبير من وجهة نظرهم , وهذا الخطأ هو نسخ أجزاء من رسائل دكتوراه , إلى رسالتها , سارعت بكل معنى هدوء إلى تقديم استقالتها بطريقة حضارية , معلقة على ذلك , بعبارة بيضاء ولطيفة للغاية (وسأتخذ الإجراءات القانونية) , ونقول هنا , أين تعلمت هذه المستورة منظومة القيم والأخلاق ؟ ومن أين تشربتها ؟ ومن رسمها لها ؟ (سبحانك حيث كنت). 
والسؤال المطروح هنا هو : ما بال رسائل الدكتوراه لدى البعض في (عالمنا العربي) ؟ وهل نمتلك الجرأة لتجريد الدكتوراه من البعض , وإذا ما وصلنا إلى هذا مثل الحد , فهل نملك الجرأة على تقديم استقالاتنا من مواقعنا التي تم احتلالها برمح عنتر بن شداد ؟ والقائل (خُلِقَ الرُمحُ لِكَفّي) , وهل تكون استقالاتنا بيضاء ؟ الجواب بكف هذا العنتر!