قراءة في تقرير «الوطني لحقوق الإنسان» حول الانتخابات..
اثبت المركز الوطني لحقوق الانسان انه جهة حيادية ومستقلة وانه لايقل عن اي مركز دولي من حيث الجرأة في الطرح وانه يقوم بمهامه الموكولة اليه بعيدا عن التاثيرات الحكومية او اية جهة اخرى وانه يعمل بوحي من ضميره وحرصه على نقل معاناة الشارع ومشاكل المواطن بعبارات واضحة وصريحة ويقف دائما الى جانب حقوق الانسان في بلدنا لان المركز انشىء لهذا الغرض.
نقول هذا الكلام ونحن نستعرض تقرير المركز حول سير العملية الانتخابية البرلمانية الاخيرة والذي كان على مستوى عال من الشفافية وانه نقل صورة حقيقية ودون اية رتوش لما جرى وأشار إلى مواطن الشبهات والضعف والقوة وكشف النقاب عن السلبيات كما أشار إلى الايجابيات وانه رسم خريطة طريق لمستقبل الانتخابات النيابية وأعلن بوضوح وصراحة انه لا بد من تعديل قانون الانتخاب بما يعزز التوجه الديمقراطي والتعددية السياسية والمشاركة الشعبية وعدالة التمثيل النيابي وفقا للدستور وبما ينسجم مع المعايير الدولية ذات العلاقة وقد يكون من بين ذلك إلغاء مبدأ الصوت الواحد لأن العملية الديمقراطية لن تستقيم في ظل الصوت المجزوء وهو ماكانت تنادي به القوى التي قاطعت الانتخابات وبالتالي فان من اولى أولويات مجلس النواب السابع عشر وضع قانون جديد للانتخابات لتلافي الثغرات التي نجمت عن اجراء الانتخابات النيابية الأخيرة مع الأخذ بعين الاعتبار معظم الملاحظات التي أبداها الشارع الأردني والمركز الوطني لحقوق الإنسان وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
لقد أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره العديد من المبادئ التي مست بعض الشيء بصورة الانتخابات النيابية الأخيرة وفي مقدمتها تحديث جداول الناخبين وهي اهم مرحلة من مراحل العملية الانتخابية لان المدخلات السليمة تعني مخرجات سليمة وان تكون جميع المعلومات المتعلقة بالناخب معروفة على نحو صحيح وسليم وبصورة واضحة وشفافة وان يتم تنظيمها بشكل دقيق يسهل الرجوع اليها من قبل المواطن او من له مصلحة.
لقد استطاعت الهيئة المستقلة للانتخابات أن تسهم في تعزيز الأمل لدى المواطن الأردني بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بعد ان فقدت هذه الكلمات معانيها الأصلية، وأن الهيئة تصدت ولو بشكل محدود للمال السياسي، حيث تم توقيف العديد من المرشحين دون أية اعتبارات لأحدهم، وأن هذا الأمر كشف عن ثغرات واضحة وقصور سواء في التشريعات أو الأنظمة والتعليمات أو الممارسات فيما يتعلق بالعملية الانتخابية.
لقد أشار التقرير بوضوح إلى العديد من السلبيات والاختلالات التي واكبت العملية الانتخابية من التسجيل والترشيح إلى مراحل الاعتراض والطعن، والدعاية الانتخابية وحتى يوم الاقتراع و ما واكب عملية الفرز وإعلان بعض النتائج والعودة عنها لضعف في الخبرة والإمكانيات؛ ما أدى إلى حدوث لغط، وإعادة فرز بعض الصناديق لأكثر من مرة حيث كان يعلن عن فوز بعض المرشحين، ثم يعلن بعد ذلك عن عدم فوزهم، أو فوز بعضهم، وأن مثل هذا الأمر قد أحدث الفوضى والإرباك في صفوف المرشحين ومؤيديهم؛ ما أدى إلى حدوث أعمال تخريبية لا نرضى عنها بالطبع لكنها كانت ردة فعل غير موفقة لما حدث.
تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان يستحق القراءة المتأنية من أصحاب القرار في مختلف مواقع السلطة التنفيذية، ومن مؤسسات المجتمع المدني، وقوى المعارضة، والنخب السياسية، وأعضاء مجلس النواب لتحقيق أعلى درجات التوافق في إصدار قانون انتخابات نيابية جديد يحقق مصلحة الوطن والمواطن، ويحدث نقلة نوعية في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتي يرعاها جلالة الملك وينادي بها الجميع.