زيارة أوباما الربيعية لمصلحة إسرائيل

أثارت الأنباء عن زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى إسرائيل وفلسطين والأردن، بعض الآمال حول دور أميركي في البحث عن وسائل لتنشيط مباحثات السلام، المتوقفة منذ أكثر من عامين، بسبب تعنت حكومة اليمين الصهيوني، وإصرارها على فرض إرادتها على الشعب الفلسطيني، مع استمرار عمليات الاستيطان المدانة دولياً، والتي تعتبر حجر عثرة في درب التوصل إلى حل يضمن الحقوق الوطنية للفلسطينيين، وبما يضمن لاحقاً سيادة السلام في هذه المنطقة من العالم، وإذا كنا توقعنا استمرار انحياز البيت الأبيض لسياسات حكومة نتنياهو، فإن الناطق باسم الأبيض أكد ذلك، حين أعلن أنه لن تكون هناك مقترحات جديدة لتحريك عملية السلام، وأن ذلك ليس هدف هذه الزيارة.

سيكون من حقنا السؤال عن هدف زيارة أوباما، وهل هي مجرد جولة سياحية، يصلي فيها تحت جدار البراق وهو يعتمر القبعة اليهودية، أو هي لزيارة واحدة من عجائب الدنيا السبع، حين يتجول على ظهر جمل في مدينة البتراء الوردية، أو هو يزور مهد السيد المسيح، دون أن يفكر لحظة واحدة بالظلم الواقع على الشعب الذي بشّر النبي عيسى برسالته على أرضه، وحين نعرف أنه سيبحث مع المسؤولين الإسرائيليين دون سواهم، المسألتين السورية والإيرانية، سنكتشف دون عناء ارتباط السياسة الأميركية في هذه المنطقة بالأهداف الإسرائيلية، وخضوعها لمصلحة الدولة العبرية، حتّى وإن تناقضت مع المصالح الأميركية.

في حين يتحدث مسؤولون فلسطينيون، عن تعاطف وزير الخارجية الأميركي الجديد مع قضيتهم، فإن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي يقطع الطريق على هذا التفاؤل بالقول، إن بدء أوباما فترة رئاسية ثانية، وتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، يوفر الفرصة لإعادة تأكيد الروابط العميقة والمستمرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ولبحث السبل للتقدم في سلسلة طويلة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما فيها إيران وسوريا، دون أي إشارة إلى المعضلة الفلسطينية، التي ترى واشنطن أن ليس فيها أي تهديد لأمن وأمان حليفتها المدللة، بعكس ما يقال عن تهديدات ستنجم عن تغير الأوضاع في سوريا، أو نجاح إيران في تصنيع أسلحة نووية.

الرئيس الديمقراطي لأميركا، كان اقترح مرةً بدء محاولة لإقناع إسرائيل باستخدام حدود 1967 كنقطة بداية للمحادثات، من أجل إنشاء دولة فلسطينية مجاورة، لكنه تراجع سريعاً، عندما أدان نتنياهو في البيت الأبيض وبوجود أوباما أي محاولة من هذا القبيل، فأعلن أوباما بين يدي مؤتمر سنوي للجنة آيباك أن تصريحه قد أُسيء توضيحه، وإنه صديق حقيقي لإسرائيل، ثم عاد للتأكيد أن إسرائيل لا يمكنها العودة إلى حدود 67 كما هي، وهو قبل ذلك، وخلال زيارته للقاهرة في مستهل رئاسته الأولى، أعلن ضرورة وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، لكننا لم نلمس أي خطوة عملية من واشنطن في هذا الإطار.

زيارة الربيع المنتظرة من أوباما، ليست مكرسة للعلاقات العامة، بقدر ما هي لطمأنة نتنياهو، في أن استمرار سياسته المراوغة تجاه المسألة الفلسطينية، لن تكون سبباً في تخلي واشنطن عن سياستها الثابتة تجاه إسرائيل، وأن ما يقلق الدولة العبرية بشأن الوضع في سوريا وإيران، يثير أيضاً وبالضرورة قلق أميركا، ولا بأس هنا من تنسيق المواقف تجاه المسألتين، في حين يستمر الاستيطان وتراوح القضية الفلسطينية مكانها، ويظل على الشعب الفلسطيني التعلق بالأمل، من خلال مبادرة فرنسية بريطانية، يقال إن واشنطن تقف خلفها، كي لا تظهر بصورة من يعترف بحقوق الفلسطينيين.

وبعد، هل كثير علينا القول إن أوباما غير مرحب به في منطقتنا وعند شعوبها.