احجار شطرنج

حكّاما ومحكومين
احجار شطرنج
الشطرنج لعبة ذهنية وهي لعبة لوحة أي أنها تلعب على لوحة (الرقعة) مقسمة إلى 64 مربعاً، من لونين بحيث يكون كل مربع من لون وبجانبه مربع من اللون الثاني (غالبا ً الأبيض أو الأسود)، وتعد الشطرنج واحدة من أشهر الألعاب الذهنية في العالم. يملك كل لاعب 16 حجرًا تتحرك كل منها باتجاهات محددة، والأحجار مقسمة كالتالي: 8 جنود ، وقلعتين، وحصانين، وفيلين، ووزير ، وملك. الهدف من اللعبة هو الوصول إلى حصر الملك بحيث لا يستطيع الهروب، وتنتهي اللعبة عند تلك النقطة وتقوم اللعبة على مناقلة الاحجار حسب شروط اللعبة وكل مناقلة لها نتائجها التي تكون في مصلحة اللاعب او ضدّه.
هناك إستحقاقات على الدولة الاردنيّة ابتدأت منذ اعلن جلالة الملك الخطوات الإصلاحيّة والتي تواكبت مع انتشار الربيع العربي في المنطقة العربيّة والتي اعلن جلالته انّ تلك الإصلاحات بدأت قبل الربيع وسوف لا تنتهي بانتخاب مجلس النواب السابع عشر بل هي عملية مستمرّة بقصد الإصلاح والتطوير المستمرين في الدولة الاردنيّة وهي عمليّة تشاركيّة يشارك فيها الحكومة ومجلس الأمّة والشعب وباقي مؤسسات وسلطات الوطن .
وعلى الحكومة وانصياعا لتوجيهات القائد الأعلى تنفيذ الاوامر وتطبيق الدستور بما فيها التعديلات الدستوريّة الاخيرة وكما ان الحكومة تُسارع لرفع الاسعار على المواطن ضمن معادلات قد تكون وهميّة او غير عادلة على الاقل فعليها ترتيب امورها وجدولة برامجها لتنفيذ جميع الاستحقاقات ولكن ما رأيناه حتّى الآن لا يدلّ على ذلك مثل تأجيل الانتخابات البلدية اكثر من مرّة وتأجيل او تطنيش نتائج لجنة الحوار الوطني وكذلك مؤخّرا ما شاب الانتخابات النيابيّة وخصوصا ما يتعلّق بالقوائم العامّة والكوتا النسائية من تأخير وارتباك في إعلان النتائج بالرغم ان الهيئة المستقلّة للانتخاب هي من تولّت ذلك وما امتعاض رئيس الهيئة في مرحلة ما من عدم تعاون رئيس الحكومة إلاّ دليل على إشارة سيّئة وفي الاونة الاخيرة تناقلت وسائل الاعلام احتمال تأخير تركيبة مجلس الاعيان لحين حسم معركة رئاسة مجلس النوّاب وبالتالي الحكومة التي كان عليها عرفا ان تستقيل بعد إعلان النتائج ولتي قدمتها فعلا وأُمرت بالاستمرار لحين تشكيل الحكومة الجديدة .
وفي تأخير اعلان قائمة مجلس الاعيان اهداف قد لا تكون بريئة احداها معرفة الاشخاص الذين سيدخلون مجلس الاعيانالذي يُمثِّل الملك من خلال قائمة المراضاة من النوّاب المرشّحين لرئاسة المجلس او من المرشّحين الراسبين في انتخابات المجلس السابع عشر او ممّن ابدوا إمتعاضا او رفضا لنتائج الانتخابات او كانوا مؤثّرين في تداعياتها او من رؤساءواعضاء الاحزاب الحردانة .
واكثر تشبيها لرجالات الاردن هو احجار الشطرنج حيث يمثل الملك في اللعبة رئيس الحكومة والوزير هو مجلس الوزراء والفيلين هما مجلس الامة بفرعيه والقلعة هم العتاولة الكبار في البلد من يترأسون الحكومات والديوان الملكي ومجالس الاعيان والنواب وزعماء الاحزاب الكبيرة ومعظمهم من الثوابت والحصانين هم شيوخ العشلئر والوجهاء المعروفين من رجالات الاردن واما الجنود فهم الهترش ممن ينَصّبون او يتطلّعون او يُوعدون ان يكونوا وزراء ونواب واعيان وامناء عامّين وكبار الموظّقين واللاعب الرئيسي هي دائرة المخابرات العامّة واللاعب الثانوي هو الديوان الملكي العامر ورقعة اللعب هي خارطة البلد وكش ملك فيها تعني استقالة الحكومة .
وهكذا هي الحال في دول العالم الثالث الدول النايمة فعلا وغير النامية حقيقة والمليئة بالفساد والفاسدين .
فالاوطان منذ زمن عبارة عن رقاع شطرنج ولكن بمقياس اكبر وحجارتها من البشر وحركاتهم دمويّة ومكاسبهم مليونيّة والكش فيها تحطيم الاوطان والمجتمعات والوانها كالحياة ابيض او اسود امّا الالوان والزراكش فهي كذب ونفاق واغراءات جاذبة نحو الدمار وكما انّ احجار الشطرنج صمّاء فكذلك البشرمنّا حكّاما ومحكومين مصابين بصمم مزمن واضافة الى انّهم فاقدي الذاكرة فإنهم فاقدي البصيرة وكذلك حاسة الشم وغريزة الذوق والإحساس ولو يبقى سوى حاسّة اللمس.
وعلى المستوى الاكبر فان الدول الكبرى وخاصّة امريكا واسرائيل تعتبر بلداننا والدول الافريقية الفقيرة عبارة عن احجار فوق رقاع شطرنج وتلعب بمصائرنا بحجّة اننا شعوب فقيرة في معظم بلادنا لا نملك المال والديموقراطيّة وانّ حكّامنا ومسؤولينا يريدون من الغنى أفحشه ومن الفاحشة اغلاها لا يمانعون ان يكونوا عبيدا عند الاسياد ويجبروننا ان نكون عبيدا عندهم ولكن من اشتمّ رائحة الحريّة لا يمكن ان يعيش بدونها .
والذي يبعث في النفس الاسى انه حتّى عندما تتناقل احجار الشطرنج فإنّ المصائب ما زالت تُطيح بالامّة وهذا دليل على ان الشرّ كامن فينا حكّاما ومحكومين والاذى نلحقه بانفسنا حيث انّنا ننئى عن إيذاء الغريب او من كنّا نعتبره عدوّا ولكنّنا اقوياء على بعضنا ضعفاء في تقويم نفسيّاتنا وتطوير ثقافاتنا وما دمنا احجار شطرج حكّاما ومحكومين سيبقى انحدارنا نحو الاسفل ولن نستطيع جبح كباح مكابحنا وتغيير اتجاهنا نحو الاعلى فالصعود للاعلى بحاجة لزنود مخلصة لله والوطن وعقول نيّرة متفتّحة على العالم والتكنولوجيا وقلوب لاتحمل الحقد ونفوس لا تحمل الحسد بحيث تحرّكنا ايادي الرحمن وليس عمايل الشيطان .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وابعد عنه كل شرْ .