حكومة برئاسة عربيات... انشقاق مرتب له حكوميا




بقلم  د.مولود رقيبات.
المقابلة التي نشرتها صحيفة العرب اليوم الصادرة اليوم مع المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين الاسبق الدكتور عبد اللطيف عربيات تكشف بشكل فاضح وسافر عن التخطيط والتخبط الذي يمارسه النظام في الاردن والعبث الصريح في المشهد السياسي الاردني . ان مجرد قبول عربيات بفكرة رئاسة الحكومة في ظل معارضة للانتخابات التي تتهمها الجماعة بانها مزوره، وتحريض اخواني مسبق على عدم التسجيل والمشاركة فيها يعد بحد ذاته خروج عن القرار المؤسسي للجماعة الذي تحدث عنه عربيات، اضافة الى المضامين للمقابلة التي ركزت على حكومة انقاذ وطني في ظل تنامي الاحتجاجات وتفاقم الازمة الاقتصادية في البلاد واستشراء الفساد في كل مفاصل الدولة الاردنية ، فكيب بالدكتور عربيات سينقذ الوطن بحكومته الانقاذية؟ ويشترط الاسناد من الملك وموقف شخصي للملك بارادة سيادية "يصعب فهمها كمصطلح جديد في علم السياسة الاخوانية" ، فهل يريد عربيات ان يتدخل الملك شخصيا لوقف الفساد والمفسدين وكيف؟ ام انه يريد ان يكون هو في الدوار الرابع وتدار البلاد من القصر وهو ما عارضته وتعارضه جماعته وهو نفسه شخصيا عندما كان بالبرلمان؟ سبحان الله لا ندري ماذا اصاب السياسيين في بلدنا يتشدقون بالمعارضة والنقد وتوجيه الاتهامات ويطرحون برامج وطروحات تتناغم مع نبض الشارع وتطلعات الجماهير الشعبية وهم خارج " حوش" النظام وينقلبون راسا على عقب عندما تعرض عليهم الوزارة او الرئاسة او حتى مجرد الكرسي في الادارة الرسمية ليتحولوا اعداء لكل ما كانوا يعلنون ، ويظهرون على حقيقتهم كما يسرون. يبدو ان النظام الاردني لم ينجح فقط في اجراء الانتخابات المشوهة وتحمل وزر نتائجها التي حاول بكل ما اوتي من قوة ان يقدمها على طبق الشفافية والنزاهة الفكاهية تزينها هيئة مستقلة للانتخابات ولجان مراقبة محلية ودولية وادخال عدد لا باس به من الاردنيين من اصول فلسطينية ، اضافة الى حضور جيد للمرأة الاردنية والابرز والمهم وجود كتلة كبيرة من الاسلاميين السياسيين المنشقين عن جماعة الاخوان المسلمين في خطوة اراد منها اضفاء الصبغة الديمقراطية والمشاركة الاسلامية السياسية وتقديمها للعالم ، بل نجح ايضا كما يستشف من الاتصالات مع بعض قيادات الاخوان المسلمين من "الحمائم" والتي توجها حديث عربيات اليوم ومحاولة النظام استغلال الاسلام السياسي في مجلس النواب استقطاب بعض رموز الاخوان لرئاسة الحكومة والمشاركة فيها ، وسبق ذلك كله الانشقاق الذي قاده القيادي الدكتور ارحيل الغرايبة بما سمي ويسمى " زمزم" وما تحمله هذه الشرذمة الخارجة من رحم الاخوان من خطط وبرامج تتضح اليوم علنا بانها الانشقاق الاول العلني لمجموعة عمل النظام منذ سنتين عليه لاضعاف الحركة ومواجهتها من الداخل بعد عجزه عن مقارعتها بالشارع ، وها هي النتيجة اليوم تتكشف للملأ بقبول مشروط في البداية لرئاسة الحكومة واشراك كبير للجماعة المنشقة في مجلس الوزراء لتعويض مواقعهم التي خسروها في مجلس النواب "" الساب..... عشر"" وبذلك يكون النظام حقق الحضور الاخواني بالمجلس وفي الحكومة وبذلك يعلن للعالم اجمع بان الديمقراطية الاردنية نموذج للديمقراطيات في العالم ليكسب الدعم الدولي المشروط بهذه الاجراءات. ولكن الغريب الملفت للنظر في مقابلة عربيات انه وعندما يتعرض لاتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية وتبعاتها نراه يتهرب ويقف خلف راي الشعب وهو العارف اكثر من غيره موقف الشعب الاردني من هذه الاتفاقية وموقفه هو نفسه كان على الاقل واضحا في برلمان الاتفاقية ولا ندري ان تغير مع مرور الزمن واستنفذت صلاحيته ؟ وموقف الدكتور عربيات واضح ، حيث يظهر ان الشعب هو صاحب القرار ونحن نؤكد ايضا ذلك باعتبار الشعب مصدر كل السلطات والقرارات ولكن هل يريد عربيات طرح الامر على " بارونات البزنس ورجال الاعمال في المجلس الحالي " ليحصل على رأي الشعب الاردني ام سيطرح الموضوع للتصويت وتشكيل هيئة مستقلة له على غرار الانتخابات؟ . الامور اليوم واضحة وبدأ الاردنيون يستسلمون للامر الواقع بنجاح النظام السياسي في استدراج المعارضة الى خندقه وخلق معارضة اسلامية جديدة من الوسط والخاصرة واسترضاء البعض بمواقع سياسية وزارية للاستمرار بنفس النهج الذي بنيت عليه الدولة في بداية الخمسينات من القرن الماضي وفي التاريخ عبرة وارجعوا لهذه الحاضنة "التاريخ" ولن نتفاجأ بانه يتكرر ويعيد نفسه ، حيت تم توزير من قاد محاولة انقلاب او عارض الدولة آنذاك وتمت مكافأة المعارضين بمواقع تنتقل اليوم لابنائهم او احفادهم . واخير نقول للشعب الاردني الابي كل اصلاح وانت بخير والعوض بوجه الكريم.