الانتخابات بين تقريرين

 


في يوم واحد، وبتزامن قد يكون مقصودا، خرج تقريران حول الانتخابات النيابية، الاول من قبل المركز الوطني لحقوق الانسان، والثاني من التحالف المدني لمراقبة الانتخابات "راصد ".
تقرير المركز الوطني جاء مفصلا وطويلا، لكنه جاء خجولا، مسك العصا من المنتصف، كعادة تقارير المركز في السنوات الاخيرة، واعتمد على خلاصة وتوصيات باهتة، مشغولة بدبلوماسية حتى لا تغضب احدا، وهي لا تغني ولا تسمن من جوع.
يقول المركز في احدى خلاصات تقريره، إن "العملية الانتخابية اقتربت الى درجة معقولة من المعايير الدولية التي تحكم نزاهة الانتخابات وشفافيتها الا ان القصور في موضوعات مثل مكافحة المال والنفوذ السياسيين بفاعلية وما شاب مرحلة التمديد للانتخابات ومرحلة الفرز في عدد من الدوائر وإعلان النتائج والتعامل مع الشكاوى ادى الى المساس بهذه المعايير."
اما ابرز الملامح لغياب النزاهة عن تقرير المركز، عندما حاول ان يبرئ الهيئة المستقلة، من خلال التأكيد ان الهيئة جهدت لتحقيق معايير النزاهة، وحالفها النجاح الى حد كبير، الا ان العملية الانتخابية بمجملها واجهت اختلالات، وكشف هذه الاختلالات، لكنه عاد وأكد ان كل هذا حصل رغم حرص الهيئة على سلامة العملية الانتخابية.!
غير التوصية الاولى التي قدمها المركز من 12 توصية تضمنها التقرير ، وهي "تعديل قانون الانتخاب بما يعزز التوجه الديمقراطي والتعددية السياسية والمشاركة الشعبية وعدالة التمثيل النيابي وفقا للدستور وبما ينسجم مع المعايير الدولية ذات العلاقة "، لا توجد توصية ذات وزن من الممكن ان تطور العملية الانتخابية وتعزز نهج الاصلاح.
الذي كشف هشاشة تقرير المركز الوطني اكثر، تقرير "راصد" الذي جاء واضحا وحاسما، ولم يجامل الهيئة، ولا الخروقات والتشويه الذي وقع في الانتخابات، حيث كشف في تقرير اولي "عن وجود فروقات بنتائج 21 صندوقا من 1000 صندوق تم ادخال بياناتها للتدقيق مقارنة بالنتائج التي اعلنتها الهيئة على موقعها الالكتروني".
تقرير "راصد" كشف عدم تطابق الأصوات التي حصلت عليها القوائم المترشحة للانتخابات مع عدد الأصوات المحتسبة في صندوق الاقتراع، وكذلك عدم تطابق نتائج الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة التي سجلها فريق راصد من خلال محاضر الفرز الأصلية مع تلك التي أعلنت على الموقع الإلكتروني للهيئة المستقلة للانتخاب والتي اعتمدت من قبلها لاحتساب النتائج النهائية للانتخابات النيابية، وهذا هو التزوير بعينه.
لنلاحظ شيئا مهما، انه بعد ايام قليلة من اعلان نتائج الانتخابات، توقف حتى الاعلام الرسمي عن الاشادة بنزاهة الانتخابات، كما توقف الخطاب الرسمي ايضا، عن اعتبار هذه الانتخابات مفصلا مهما في حياة البلاد، وطريقا نحو أردن المستقبل، مثلما لهج كثيرا في تكرار هذه العبارات قبل الانتخابات، وفي مرحلة الحشد لها
.