التشريعات في بلاد الواق واق



يحتاج الناس في أي تجمع بشري لقوانين ناظمة، تسهم في تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع، واستطاع بني البشر أن ينتهجوا بذالك سبل متعددة، اكتسبوها وتعلموها من مصادر مختلفة، فأول هذه المصادر هي ما وصل عن طريق الوحي للرسل، فكان التشريع الرباني هو الأساس والمنهج، ثم أتى إلى جانب التشريع الرباني اجتهادات بني البشر، على مختلف مستوياتهم الفكرية، والعلمية، فظهرت لدينا مثلا تشريعات حمورابي، وأفكار أفلاطون، وأرسطو، وغيرها من الاجتهادات البشرية، التي أتت لتنظم العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحياتية المختلفة لأفراد المجتمع.
وفي الغالب إن التشريعات التي يبتدعها المشرعون من بني البشر، تراعي احد أمرين قد لا يكون لهما ثالث، أما الأمر الأول، فان المشرعون يتحسسون حاجات أفراد المجتمع، أو قطاعات محدده فيه، فيأخذوا بتشريع قوانين وأنظمة تسهم في خدمة هذه القطاعات أو الفئات، وكمثال عليها تشريع قانون تشجيع الاستثمار، والذي من الممكن أن يكون قانون يهدف لتقديم خدمات وتسهيلات للمستثمرين، يصل لحد الدلال بهم، وترعاه وتشرف على إعداده نخبة النخبة من علية القوم، وفي الطرف الآخر هناك قوانين يحتار فيها المفكر، ويضيق عنها صدر الحليم، ويعجز عنها الوسيط، وكمثال عليها قانون المالكين والمستأجرين.
أما الأمر الثاني الذي قد ينتهجه المشرعون عند إعداد القوانين، فإنهم يضعوا نصب أعينهم رغباتهم وأفكارهم الضيقة، ويعمدوا على تأطيرها بإطار قانوني، فيصيغونها، ويجملونها، ويخرجوها بصورة أنظمة، تقر من مجلس الوزراء دون أن تقرأ، ولو بطريقة قراءة تقليب الصفحات من قبل أعضاء مجلس الوزراء، الذي يوقع على نفاذ وإقرار هذه القوانين بمجرد التنسيب بها من احد السادة الوزراء، على اعتبار أنه صاحب الاختصاص، وعلى اعتبار أن التوقيع لا يعدو كونه روتين لا أكثر، وبذلك تقع المظالم.
هذا ما يحدث فعلا في بلاد الواق واق، فقد شرّعوا لنا نظام عقوبات، بثوب نظام تنظيم الإعمال، وعلى الرغم من وجود بعض الايجابيات في هذا النظام الجديد، إلا انه كمن يقدم تمرة في يد، وفي اليد الأخرى يقدم معها كأس من الحنظل، إما أن تشرب أو تترك التمرة.
فكثيرة هي القوانين والأنظمة الناظمة لحياة الأفراد في المجتمع، التي تولى إعدادها من همس الشيطان في أذنه، وحرضه على قمع أبناء جلدته، وزين له سوء صنيعه، وحمله وزر إلى وزره، والدعاء عليه بسوء، كل صباح ومساء.
kayedrkibat@gmail.com