دارفور من حرب على الماء والكللأ الى حرب على مناجم الذهب



اندلعت بصورة مفاجئة الاشتباكات المسلحة العنيفة شمال دارفور الإقليم المضطرب الواقع في غرب السودان بين جماعات من قبيلة بني حسين وقبيلة الزريقات الابالة ذات الأصول العربية

حيث يدور الصراع فيما بينها للسيطرة على مناجم الذهب وقد أدت المعارك إلى سقوط أكثر من 200 قتيل ونزوح ما يقارب 100 ألف شخص في حالة تشرد جديدة لشعب يعاني ظروف حياتية قاسية ومزرية

وقد أفادت تقارير منظمات الإغاثة الدولية أن 65 إلف منهم يتواجدون في منطقة سرف و 25 إلف لجئوا إلى مدرسة في المنطقة وعددا مماثلا إلى مدرسة أخرى في منطقة تقع على بعد 155 كيلومترا شمال غرب الفاشر عاصمة ولاية شمال وان عد كبير من المدارس والمكاتب الحكومية أغلقت بسبب الإعداد الكبيرة للاجئين فيها

الحرب الأهلية في دارفور أوقعت منذ العام 2003 ما لا يقل عن 300 إلف قتيل حسب تقارير الأمم المتحدة و10 ألاف حسب إحصاءات الخرطوم إضافة إلى تشريد ونزوح أكثر من مليون شخص ومن اندلاع الصراع بين القبائل المسلحة في الإقليم وتدخل حكومة السودان لضبط الأمن والاستقرار أصبحت مشكلة دارفور أزمة إنسانية دولية اتخذتها أمريكيا والدول الغربية وسيلة ذريعة للتدخل المباشر في المسألة السودانية

بعدما اصبحت امريكيا قوة متفردة نصبت نفسها شرطيا للتدخل في شؤون وانظمة وسياسات دول العالم المختلفة مما يؤكد اننا في عصرجديد أصبحت تسوده شريعة الغاب ويسيطرعلية قطاع الطرق فأمريكيا فرضت نفسها في افغانستان والعراق ووقفت بالدعم والمساندة الى جانب دولة العدوان والاحتلال في فلسطين تمدها بأسباب الوجود ثم تدخلت في فنزويلا لاسقاط الرئيس الراحل الشرعي والمنتخب تشافيز

ما يؤكد ان امريكيا بسياساتها المتغطرسة وغير العقلانية خاصة في ظل رئاسة بوش الأبن الذي كانت تتحكم فيه جماعات يمينية متطرفة تهدد بتحويل العالم الى بؤرة مشتعلة من الدمار والاحتلال وجعل شعوب العالم الثالث قطعان من البشر متخلفين يتطاحنون ( بالربيع العربي ) والصراعات والحروب الداخلية ويعيشون على فتات ما تقدمه الدول المتحضرة من معونات ومساعدات ذات اهداف سياسية ماكرة

أزمة دارفور هي مشكلة سودانية داخلية معقدة تتداخل فيها العديد من العوامل والمعطيات هي اقرب ما تكون الى الصراع القبلي أكثر منها انسانية او سياسية بداية المأساة كانت مع قيام بعض العصابات قطاع الطرق بعمليات سلب ونهب مستغلين غياب الامن والنظام والسلطة وحالة الفقر والقحط الذي يعيشه الاقليم منذ سنوات عدة ففي الشمال من الاقليم تسكن قبائل الجنجويد التي تمتهن حرفة الرعي وفي الجنوب من الاقليم تسكن القبائل الزنجية التي تمتهن حرفة الزراعة

ومن هنا كانت بداية المشكلة في التناحر على الماء والكلاء بالنسبة للشماليين للمحافظة على ثروتهم الحيوانية والجنوبيين للمحافظة على محاصيلهم الزراعية يضاف الى ذلك حالة الاهمال الرسمي الطويلة للاقليم وانشغال السلطة المركزية في حروب وصراعات على المراكز والنفوذ بين زعماء السودان

والذين لعب بعضهم دورا كبيرا في زعزعة أمن واستقرار الاقليم وخلق أجواء عدم الثقة بين القبائل والدعوة الى التمرد والعصيان على الحكومة في الخرطوم والتي ادت الى قيام المذابح والقتل الجماعي والثأرالمتبادل حتى وصل عدد القتلى الى ما يزيد على 50 الف وتشريد ونزوح مليون مواطن الى تشاد والدول المجاوروقد استغل بعض السياسيين السودانيين المعارضيين لسياسات الرئيس عمرالبشير هذه النزاعات امام العالم وابرازها على انها عمليات تطهير عرقي ومجازر جماعية ومجاعات فظيعة وقد زاد احتمال وجود البترول في الاقليم من حدة الصراع والمنافسة بصورة اكثر دموية وشراسة

حيث تشكلت حركات مسلحة متمردة في الاقليم مثل حركة تحرير السودان قطاع دارفور وحركة العدل والمساواة والحركة الفيدرالية الديمقراطية والتي قامت بتدمير مراكز الشرطة والاعتداء على الطائرات الرابضة في مطار الفاشر وتحطيمها في عام 2003 مما استدعى التدخل العسكري للحكومة السودانية لفرض الامن وهيبة الدولة

واخيرا جاء التدخل الأمريكي تحت غطاء دولي مزعوم عبر الامم التحدة ليمثل الاسلوب المقبول في احتواء النظام السوداني وترويضه بدل اسقاطه وتحمل التبعات الجهادية للمقاومة الشعبية كما حصل في العراق وبدأت امريكيا تروج اعلاميا بالكذب والتضلبل والخداع لما يجري في الاقليم وقد أستغل في حينها كوفي عنان التلميذ المطيع لسيده في البيت الابيض والذي بدأ ينادي بتطبيق القوانين الدولية على السودان مهددا بالمقاطعة والحصار والتدخل العسكري المباشر وعوضا عن تقديم الدعم والعون لحكومة السودان في تنمية الاقليم وفرض النظام فيه وحل الصراعات القبلية المزمنة أخذت أمريكيا تهدد( بتدويل الازمة) واعطاء مهلة تعجيزية لحكومة السودان لانهاء الازمة وحل المشكلة ونزع سلاح جماعات ( جنجويد ) وتقديمهم للمحاكمة كمجرمين في شهر واحد فقط

الهدف الامريكي الخفي كان تقسيم وشرذمة السودان وفصل اقليم دارفور كما فعلت مع الجنوب بالدعم اللامحدود لحركة جون قرنق حيث تستثمر أمريكيا جميع العوامل الطبيعية والسياسية والبشرية لتحقيق هدفها في تقسيم السودان الى دويلات في الجنوب والغرب ومما يؤلم القلب والضمير حالة الصمت العربي وعدم تحرك الجامعة العربية أو الاتحاد الافريقي أو الامم المتحدة ووقوف الجميع متفرج عما جري في دولة عربية مستقلة ومعترف بها دوليا

في وقت كان المطلوب من الجميع النهوض بالمسوؤليات القومية والاسلامية والانسانية للمحافظة على وحدة وسيادة وارض السودان وتفويت الفرصة على الدول الاستعمارية الجديدة بزعامة أمريكيا في التدخل لتدمير وتجزئة السودان



وان ما جري في السودان هو مؤامرة امريكية صهيونية يغيب عنها النظام العربي كما غاب وجوده ودوره في الأزمة العراقية والكويتية والليبية والتونسية والمصرية والفلسطينية سابقا والسورية الان



والصراع اليوم على الذهب ربما يكون شرارة امريكية صهيونية جديد لاشعال فتيل الأزمة والضغط على حكومة الخرطوم المثخنة بجراح الداخل لفتح مبررات وذرائع التدخل من جديد



ملاجظة : كلمة جنجويد تعني ( جن راكب جواد يحمل رشاش ج 3 )