فوز نتنياهو والعودة إلى الأفق المسدود !!!



بعدما أعلن رسميا فوز رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو في الانتخابات التاسعة عشر للكنيست الإسرائيلي بأغلبية ضئيلة مكنته من قيادة حكومة يمينية جديدة وما يعني ذلك من استمرار حالة الجمود والتعثر في مسار التسوية والمفاوضات مع الفلسطينيين بصورة غير مسبوقة حيث ستغيب عن الحكومة الجديدة بعض الأصوات المحسوبة على التيار المعتدل التي تعمل لصالح حل الدولتين مقابل بروز عدد من الشخصيات المتشددة

وكما كان متوقع صعود كبير لحزب اليمين الإسرائيلي "البيت اليهودي" بزعامة نفتالي بينيت الذي دائما يدعو إلى ضم فوري ل 60% من أراضي الضفة الغربية ومن المرجح أن يكون حزبه أكبر ثالث الأحزاب داخل الكنيست الإسرائيلي المقبل كما من المتوقع أيضا أن يضم الائتلاف الحكومي الجديد رموزا من الجناح اليميني مثل الناشط موشي فيجلين الذي يؤكد رغبته في إعادة بناء المعبد اليهودي داخل الحرم القدسي الشريف في إساءة متعمدة لمشاعر المسلمين وقيم الديمقراطية مما يشكل دافع قصري لهجرة بعض الأسر الفلسطينية داخل وطنها

كما توقعت الاستطلاعات القريبة من المطبخ السياسي الإسرائيلي أن تبقي الحكومة الإسرائيلية المقبلة على وزراء ذوي ميول عنصرية متشددة مثل وزير الدبلوماسية العامة يولي إدلشتاي الذي يشدد على ضرورة الضم التدريجي والكامل لأراضي الضفة الغربية إضافة إلى وزير التعليم الحالي جدعون سائر الذي يؤكد أن حل الدولتين لشعبين فلسطيني وإسرائيلي لم يكن أبدا مدرجا ضمن البرنامج الانتخابي لحزبه

المفاجئة في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة كانت وصول الإعلامي المستجد على العمل السياسي يائير لابيد والذي فجر قنبلة من العيار الثقيل بعد فوز حزبه "هناك مستقبل،" ب 19 مقعدا من أصل 120 مقعدا بالبرلمان الكنيست وان مفاجأة فوز لبيد كانت خيبة أمل لليكود ولنتنياهو وحليفه الأكثر تطرفا افيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا فلم يعد نتنياهو يتربع على تكتل يضم 42 مقعدا في الكنيست مثلما كان عليه الحال وإنما اقل من ذلك بواحد وثلاثين مقعد

على العموم نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية جاءت على عكس ما يشتهي بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وزعيم 'إسرائيل بيتنا' اليميني المتطرف فقد بات ملزما إن يدخل في حكومة ائتلافية مع حزب 'يش عيتيد' أو حزب 'هناك مستقبل' بقيادة يائير لبيد اليميني الوسطي

و ان معاداة نتنياهو للعالم وتهديده المتكرر بشن الحرب ضد إيران إضافة إلى غروره المستمر وسياساته الاستيطانية العنصرية ونتائج عدوان عزة الأخير كلها عوامل تسببت في وصوله الى حالة الفوز الهش والضعف والتراجع التي يعيشها اليوم

وجدير هنا ان نعود إلى تصريحا الرئيس الأمريكي اوباما قبل الانتخابات الإسرائيلي بأيام قليلة حينما وصف نتنياهو بالغباء السياسي والجهل والجبن وقتله لعملية السلام وزيادة عزلة إسرائيل دوليا بسياساته الاستيطانية المتهورة وكذلك ما قالة وليم هيغ وزير الخارجية البريطاني وحليف إسرائيل في البرلمان البريطاني بأن نتنياهو قتل حل الدولتين وعملية السلام ونضيف أيضا ما قاله جون كيري بعد فوز نتنياهو أن حل الدولتين الآن أصبح غير ممكن

تعيد الانتخابات الإسرائيلية إنتاج حكومة نتانياهو والذي سيشكل حكومة يمينية متطرفة تنفذ سياسات الفصل العنصري واستمرار انسداد الأفق السياسي وتسريع وتيرة الاستيطان بشكل يحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية ومع نتانياهو العائد بفارق مقعدين فقط لليمين أضحى الوضع في الأراضي المحتلة والقطاع يسير نحو أزمة جديدة بعيدة عن الطموحات الفلسطينية التاريخية مع استمرار سياسة نتانياهو بأمن إسرائيل المطلق والتوسع في الاستيطان وابتلاع المزيد من الأراضي والمماطلة والتسويف وابتزاز لشعب الفلسطيني في لقمة عيشه وأمنه ومستقبله وطموحاته الوطنية التي أصبحت في سلة المقايضات الإسرائيلية وإنه لن يحصل أي تغيير من حيث القتل والدماء والدمار وحصار السلطة الوطنية الفلسطينية


من المعلوم جيدا أن جميع الأحزاب الإسرائيلية تجمع على القدس الموحدة والاستيطان داخل القدس وأنه لا سلام ولا تسوية بدون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية كما لا تسوية ولا سلام بدون حقوق اللاجئين

في المقابل نستذكر نتنياهو في خطاب ألقاه أمام الكونجرس لأمريكي يجدد فيه رفضه للعودة إلى حدود 67 ويؤكد أن أي اتفاق نهائي مستقبلي سيتضمن وجود كتل استيطانية إسرائيلية خارج حدود إسرائيل وإن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يجب أن تحل خارج حدود إسرائيل وإن القدس يجب أن تكون عاصمة موحدة لإسرائيل

ومن المفيد هنا العودة إلى ما قاله بصراحة ذات يوم مستشار شارون الخاص المحامي "دوف فايسغلاس" أن عملية الانسحاب الأحادي من القطاع تهدف إلى الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية وتهويدها وكذلك ما ورد في تقرير لجنة القاضي "ليفي" المكلف من قبل حكومة نتنياهو والذي استغرق إعداده سنتين وما جاء فيه أن الضفة الغربية ليست مناطق محتلة وأن إسرائيل ليست قوة عسكرية محتلة للضفة الغربية و أن القانون الدولي لا يمنع إنشاء وتوسيع المستوطنات رغم وجود قرارات عديدة من قبل الأمم المتحدة بمنع إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية واعتبار المستوطنات القائمة غير شرعية



نتذكر جميعا أن فترة ولاية نتنياهو المنتهية شهدت تكثيفاً هائلاً للاستيطان اليهودي في الضفة الغربية وتهويداً للقدس وبقية الأراضي الفلسطينية وتقويضاً تاما للسلطة الفلسطينية وإنهاء لفرص حل الدولتين و لهذا يعتقد بأن الفلسطينيين سيشهدون أياما حالكة السواد خلال السنوات المقبلة من حكم نتنياهو وان الانتخابات الإسرائيلية أفرزت الأكثر تطرفا وعنصرية وان التنافس بينهم يؤكد اتفاقهم حول المشروع الصهيوني المبني على التهويد والاستيطان والتشريد للفلسطينيين

المطلوب فلسطينيا لمواجهة حكومة احتلال واستيطان وعدوان واعتقالات جديدة برئاسة نتنياهو والرد الأمثل على عودة اليمين واليمين المتطرف للحكم تستدعي إعادة النظر بجدية أكبر في استمرارية الانقسام في الصف الفلسطيني وتطبيق اتفاق 4 مايو 2011 للوحدة الوطنية والإصلاح الديمقراطي الشامل السياسي الاقتصادي والاجتماعي في المؤسسات السياسية والتشريعية والحكومية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ووقف سياسة التهديد والهيمنة بقوة المال والسلاح بين الطرفين ومراجعة شاملة لمسار المفاوضات والتسوية مع إسرائيل الذي استمر عشرين عام دون نتائج عادلة للفلسطينيين وحشد الدعم الدولي من أجل وقف الاستيطان تحت رقابة دولية وتكثيف الحراك الدولي لإنقاذ حل الدولتين
و أخيرا ينبغي عدم الانخداع بمسرحية تراجع اليمين واليسار وتقدم الوسط فكلهم في العداء للعرب سواء













.