سيدي كبير الأسرة الأردنية....
نحاول إسماعك واقعنا ليقيننا أن من تعتمدون عليهم بنقل الواقع لم يثبتوا أنهم أهل لذلك بل همهم تجاوزه لعدم تكدير خاطركم الذي نعتقد أنه جزء من خاطر شعبكم الذي ينتظر ويتوسل لربه أن تتنبهوا جلالتكم للتضليل الذي ينعكس سلبا على الوطن وأنتم جزء منه.
سيدي....
الغالبية الساحقة من التعليقات والآراء المتعلقة بنتائج الإنتخابات تتمحور حول التزوير والتلاعب بالأرقام لتفصيل مجلس نيابي ينسجم ويتوافق مع مناخ تم به العبث بإرادة الشعب في الكثير من مراكز الإقتراع. والمراقب المتتبع لآراء الناخبين والمنتخبين, لا يجد عناءا للوصول لعدم الرضا وانعدام الثقة بالجهات التي رعت الإنتخابات سواءا من الناحية اللوجستية أو التنفيذية. فالإحتجاجات التي أعقبت ظهور النتائج شملت كافة أنحاء المملكة التي بالتأكيد تحرصون جلالتكم على هدوئها. والوضع المشتعل هذا يعني عدم الإقتناع ووجود يقين عند الغالبية بأن العملية قد شابها ما يستدعي ويبرر الإعتراض على مجرياتها والشك بصحة نتائجها وبالتالي رفض ما يأتي من الرسميين بخصوص نزاهتها ومصداقيتها.
سيدي....
لا يختلف إثنان على أن الحدث الذي كنا نأمل أن يكون مصدر فخار قد تم تشويهه ليبدو باهتا ومدعاة للتندر والسخرية مما انعكس وسينعكس على المسيرة الوطنية التي لا بد ستتطلب خطوات وقرارات مصيرية تمس حياة المواطنين مباشرة. بالإضافة لتشريعات على الأرجح لن يرضى عنها الشعب وإن رضي عنها النواب. بهذا نكون أمام استحقاق مكلف ومجحف قد خلقناه بلحظة أخذتنا بها العزة بالإثم غير عابئين بالتبعات الثقيلة والأثمان الباهظة.
سيدي....
نبض الشارع حقيقة لا يمكن تجاهلها وهيجانه واقع لا يمكن إغفاله وصوته إن لم يصل مسامعكم بعد فهذا يعني وجود مصدات عازلة تمنع من وصوله لأذن جلالتكم ليكون صوت من قاموا بالعزل هو الوحيد الذي تسمعوه. فالإحتجاجات العارمة لم تأتي من فراغ ولبست افتراءا وليست مصطنعة ولا مفتعلة لأن من قام بها بجلهم أناس عاديون ليسوا منظمين ولا مدفوعين بل تلقائيون نتيجة ما اطلعوا عليه وتعرضوا له في المخاض الإنتخابي, أناس مطلبهم تحقيق النزاهة ليطمئنوا أنهم اختاروا مجلسا نيابيا يمثلهم ليثقوا بتشريعاته ومصادقاته لأنهم محبطون من المجالس السابقة التي لم تمثل إرادتهم وتطلعاتهم.
سيدي....
شعبكم بحاجة لوقفة مصارحة ومكاشفة وتصويب للمسار وإحقاق الحق تنسجم مع الموقف الراهن الذي إن أُغفل سيفرز ما لا نتمناه وسيفتح الباب على مرحلة تبدو بوادرها غير باعثة على الطمأنينة. الإعتراف بالخطأ فضيلة وليس انهزاما وشعبكم من الوعي ما يكفي لتقدير الجميل ورده كما هو يعي مواطن الخلل ويطلب إصلاحها. وإذا لم يكن هناك رد اعتبار للشعب الذي إرادته تتعرض للتشويه فلن تستقيم الأمور ولن يهدأ الشارع بل ستزداد وتيرة الإحتجاج المزعج والتظاهر المقلق والمعارضة المتنامية.
سيدي....
هناك من أبلغوا بالنجاح وفي اليوم التالي أبلغوا بعكسه, فكيف بهؤلاء وغيرهم من الناخبين أن يثقوا بما يصدر عن الدولة وهيئاتها ومؤسساتها واصحاب القرار فيها؟؟ وخير مثال لغز حازم قشوع وعبلة أبو علبة بإعلان نجاح الأول ثم إعلان فشله ثم إعلان نجاحه ثانية وبالمقابل إعلان فشل أبو علبة ثم نجاحها ثم فشلها. أليست هذه الحالة خطيئة؟؟ بغض النظر عن الحقيقة, أليست حالة تستدعي من الناس الصحو من سباتهم ليكتشفوا أنهم بشر يساسوا بعقلية المستهترين والمستخفين بعقولهم وهم من يشهد لهم مسؤولونا أنفسهم بالوعي والذكاء؟؟ أليست مقولة النزاهة والشفافية حيلة انطلت على البعض حتى اكتشفوا أن إرادتهم تم تجاوزها وخيارهم قد غُيب؟؟ فما تراهم جلالتكم فاعلون؟؟ هل يلاموا إن كفروا بالنزاهة بعد التأكيدات المتكررة من الدولة والهيئة وبكل الوسائل؟؟ فكيف يتبدل كفرهم لإيمان والصدق غائب والنزاهة المزعومة انقلبت لضدها والرقابة الحقة نائمة والضمير الوطني مهمش والمتشدقون بالحرص على الوطن هم من يرسم معالم الحياة بالطريقة التي تخدمهم؟؟
سيدي....
لقد اجادوا ألأداء وأوهموكم بأن النزاهة عنوان المرحلة لكنهم عبثوا بها وغيروا سمات هذا العنوان حتى تمخض عكس ما أردتموه لخلق حالة من التوتر والإحتجاج ليضاف للإحتجاج المتواصل على عيوبهم وفسادهم وليخلطوا أوراق اللعبة الكبيرة التي ما زالوا ماضين بها. والإحتجاج سيدي سيربك المسيرة العامة ويخلق تبريرا ومسوغا لهيجان الناس الذين يتم إحباطهم وتزوير إرادتهم ضمن سلسلة قوامها الإستهتار والقفز عن الحقائق حفاظا على كراسيهم ومكاسبهم ومصادر استنفاعهم.
سيدي....
عليك بهم, فهم لا يعجزوك وشعبك من حولك لننقذ الأردن ونبقيه واحة استقرار وأمان. وهم لا ينقلون الحقيقة لكم بل يزينون الواقع بمساحيق تجميلية سرعان ما يكشفها شعبكم الواعي لتظهر الحقيقة. ألم يحن الوقت يا سيدي لترميم البيت قبل أن ينهار؟؟ ألم تصلك يا سيدي الأصوات المطالبة بإحكام القبضة على من حولك ممن لا يخافون الله بالوطن ولا هم لهم سوى ديمومة أسباب بقائهم؟
سيدي....
لا يغرنكم تشدقهم بالعمل على التهدئة وهم يشعلوها نارا. إنهم يحيكون في الظلام عكس ما يعرضوه عليكم في النهار. نقسم لكم سيدي ليس للأردنيين من مطلب سوى ان تستقيم الأمور ويستقر الحال وإن حصل فبه استقراركم ورضا شعبكم الذي يمسك بكم رغم أنف الفاسدين والحاقدين. إن التلاعب بإرادة الشعب يا سيدي هو الطريق الموصل للهلاك ولنا عبرة من دول حكامها اتخذوا من أنفسهم وأزلامهم آلهة تعبد نربأ بالهاشميين عنهم ولكن لا نربأ بمن يتم كشف زيفهم يوميا أن يشوهوا بتكرار مثاليتهم إيمان الأردنيين بالثوابت وعندها تكون الطامة الكبرى ونحسبها نارا تستعر.
سيدي....
شعبك مدرك ومتيقن بدافع وعيه وتجاربه أن هناك لوبي ليس من صالحه ان ينعدل الإعوجاج بل هو لوبي يعمل بكل ما أوتي من قوة ليضع جلالتكم تحت الأضواء ويوصل الناس للإحباط ومن ثم الإنقياد لفوضى عارمة وانفلات لا سمح الله لا شك تدركون جلالتكم مدى تبعاته.
سيدي....
نحترم إرادتكم ونقدرها لكن بالوقت نفسه لا نستطيع القفز عن الحقائق ولا نستطيع إغفال إرادة شعب رفض نهج من كان بالأمس القريب رئيس حكومة وإذا به يتقلد منصبا هو حلقة الوصل الأمينة بينكم وبين الشعب والحكومة. نؤكد أن المناكفة والإعتراض لأسباب بسيطة ليس من طبع الأردنيين, لكن ثمة من أوصلهم من أصحاب الحظوة والقبضة المالية والمناصبية لما جعلهم يتنبهون لكرامتهم تهدر وعقولهم يستخف بها ووطنهم يباع بالقطعة ومالهم ينهب وحالهم يزداد سوءا ومن هم ليسوا من الشعب يرتفع شأنهم والمخلصون الصادقون يهمشوا والغيارى يتهموا بما ليس بهم.
سيدي....
لا شك تعلمون وتدركون خطورة المرحلة القادمة لأسباب داخلية وأخرى خارجية. من الأسباب الداخلية هناك ملفات عالقة شعبكم ينتظر بفارغ الصبر فتحها من فساد وأموال هدرت وأخرى سرقت, وشركات بيعت بأقل ما كانت تربحه بسنة واحدة وأشخاص لم تطالهم يد العدالة بعد وتسهيلات منحت لمستثمرين مقابل الحصول على حفنة دنانير وضعت بحسابات بعض من تولوا مواقع اتخاذ القرار, واتفاقيات أبرمت بثمن الورق الذي كتبت عليه والميناء الوحيد لم ينجو من مسلسل البيع والخصخصة. ولا شك تعلمون جلالتكم أن الأردن زاد فقرا وحاجة إذ الخصخصة تلجأ إليها الدول للنهوض بالإقتصاد أو عندما تكون الأرباح أقل من الحد الأدنى المتوخى. والفاجعة أن لا دين سُدّ ولا عجز انخفض بل كلما ارتفعت وتيرة البيع والخصخصة ازداد الديْن والعجز. وهذا يدلل على وجود ثغرة مفتعلة استنزفت هذه الأموال قام بها من وليتموهم أرفع المناصب ومنحتموهم ثقتكم التي لم يكونوا أهلا لها مما جعل الوطن وأهله الضحية لكل ذلك.
سيدي....
المرحلة التي بدأنا الولوج بها تتطلب ترميما إن لم يكن إعادة خلق وتفعيل لأبناء الوطن الغيارى المنتمين الذين يزخر بهم الوطن والذين يستلهمون من جلالتكم ومن دفق الشعب القوة والعزم والتصميم على النهوض بالوطن لا ينتظرون غير رضا الله ثم الوطن لأنهم تمرغوا بترابه ولا ضمير لديهم إلا ضمير الغيارى ولا دافع لهم إلا رفعة الوطن تحت قيادتكم التي آمنوا بها ولا بديل عنها. فنأمل منكم سيدي الإستماع لهم وإشراكهم بتحمل المسؤولية التي لا يقوى عليها سوى الغيارى الصادقين. كما نأمل جلالتكم أن تنصتوا لنبض الشعب المسالم مباشرة وليس لتقارير من يحيطون بكم وثبت عبثهم بالواقع ليشوهوا الحقائق.
سيدي....
الأردنيون لا يرغبون أن يصل الحال لأسوأ مما نعيشه لكن الكثيرين ماضون بمقولة " إذا ما اتعكرت ما بتصفى ". فلتعملوا سيدي على الصفاء بفلترة من حولكم وهو مطلب شعبي لن يتوقف الناس عنه إلا بتحقيقه. ولن تنجينا من القادم كل المساحيق والكونسيلرات وعمليات التجميل التي وإن نجحت مرة فلن تنجح بكل المرات. نضيف لهذا كله الأسباب الخارجية المتعلق منها بالأزمة السورية وتداعياتها وإسرائيل ونواياها ومتعلقات القضية الفلسطينية كذلك.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com