كليات المجتمع الخاصّة بين مطرقة البلقاء التطبيقية وسندان هيئة الاعتماد! *

كليات المجتمع – معاهد المعلمين سابقاً – كانت وما زالت الحاضنة لتخريج الكوادر التربويّة والفنيّة اللازمة لعمليات التنمية في كل مجالاتها ، في داخل الوطن وخارجه . اثبت خريجوها جدارة عالية المستوى في جميع مجالات العمل التي التحقوا بها . ومشكلة هذه الكليات أن العديد من الجهات الرسميّة لا تقدّرها حق قدرها ولا تعترف بما تقدمه هذه الكليات للمجتمع من كفاءات وخدمات .

إن أكبر مشكلة تواجه هذه الكليات هي تعدّد جهات الإشراف على هذه الكليات وتداخل مسؤولياتها وصلاحياتها وتقاطع هذه الصلاحيات إلى درجة التضادّ والتناقض؛ ما يربك هذه الكليات وينعكس سلباً على مسيرتها ، فمثلاً ؛ ما تقرره جامعة البلقاء التطبيقية من سياسات ولاسيما في مجال الخطط الدراسية لما يُدرّس في كليات المجتمع ، لا تعرفه ولا تعترف به هيئة الاعتماد التي تضع معايير الاعتماد العام والخاص لكليات المجتمع لخطط دراسية تخترعها أو تتصورها لا علاقة لها بما يدرّس على أرض الواقع .

فتستكثر هذه الدوائر الرسميّة على نفسها مجرد اللقاء بين مسؤوليها للتنسيق فيما بينها حول ما تضع من سياسات وتتخذ من قرارات ، والضحية دائماً هي كليات المجتمع .

ورغم الجهود المضينة التي تبذلها اللجنة المنبثقة عن هذه الكليات لمتابعة قضاياها والكتب العديدة المتضمنة حلولاً مقترحة لمثل هذه المشكلات ورغم الوعود الكثيرة من كلا الجهتين المشرفتين لعقد لقاءات مشتركة بين مسؤوليها لبحث هذه المشكلات ووضع حلول لها ، إلاّ أن أيّ لقاء لم يتم وأي مشكلة لم يوضع له حد ، والشيء الوحيد الذي انجزته كلا المؤسسين وسارعت بإنقاذه هو توجيه كتب التحصيل والجباية من هذه الكليات والتي تتضمّن العديد من أبوابه التحصيل الجديدة ومضاعفة ما يجبي من أبواب سابقة .

وإذا ما استمرت الحال على هذا المنوال ، فإننا بانتظار إغلاق المزيد من هذه المؤسسات الوطنية ( كليات المجتمع )؛ ما يشكّل خسارة فادحة للمجتمع لا يمكن تعويضها وعلى مرأى ومسمع من مؤسستين رسميتين تشرفان على كليات المجتمع .

تشترط هيئة الاعتماد شروطاً تعجيزية لاستمرار بعض التخصصّات في كليات المجتمع ، فهي تشترط شهادة دكتوراه في كل برنامج . كالبرنامج الطبي مثلاً ( مختبرات ، صيدلة ، تمريض ) وشهادة دكتوراه في التصميم الجرافيكي ، ومثلها في البرامج الهندسية ، مما لا يتوفّر في كثير من الجامعات .

انقاذ هذه المؤسسات واجب وطني، وضرورة مجتمعية، فكم خرجت هذه الكليات عباقرة ومبدعين، ممن لم يسعفهم المال أو المعدلات لدخول الجامعات، فلا تزيدوا معاناة الفقراء أكثر وأكثر!