الانتخابات الإسرائيلية: اليهود يزدادون تطرفا
القراءةالسريعة جدا،وعن بُعد،للانتخابات البرلمانيةالإسرائيلية التيجرت الأسبوعالماضي، تظهرتأن قوة الائتلاف اليمينيالمتطرف الحاكمبرئاسة بنياميننتنياهو، قد تراجعت من 65 مقعدا إلى 61 مقعدا، من أصل 120 مقعدا في الكنيست. إلا أن قراءة تفصيليةللنتائج، تشملاللوائح الانتخابيةالتي لم تجتز نسبةالحسم، تبيّنأن اليمينالمتطرف بين اليهود قد ازدادت قوتهبشكل ملحوظ،إضافة إلى ارتفاع حاد في قوة جمهور الأصولييناليهود (الحريديم)، المحسوبعلى جناحاليمين المتشدد،والذي تتخوفالحركة الصهيونيةمن التزايدالمتسارع في أعداده.لكن من جهة أخرى، فإن نتائج الانتخاباتتثبت مجدداأن إسرائيلما تزالغارقة في دوامتها السياسيةالمستمرة منذ أكثر من عقدين. فهذه الانتخابات، كسابقاتها،أفرزت برلمانامتشرذما، لاسيمافي الجانبغير المحسوبعلى اليمينالمتطرف. ويغيب عن هذا البرلمان الحزبالكبير الذييحصل على 33 % أو أكثرمن المقاعد. وهو المشهدالبرلماني الذيسيُضعف أي حكومة مقبلة.ومرّة أخرى،يظهر حزب من أحزاب "الفقاعات السياسية" ليستحوذ على قوة غير مسبوقة لحزبجديد، ليس فيه أي عضو كنيستسابق، وهو حزب "يش عتيد" (يوجدمستقبل)، الذيتؤكد التجربةالطويلة أنه لن يُعمّرطويلا على الخريطة السياسيةالإسرائيلية.وفي قراءة لنتائجالانتخابات بما يشمل اللوائحالتي لم تجتز نسبةالحسم، نرى أن اليمينالمتشدد الحاكمحاليا قد حصل على ما يقارب 49.5 % من إجماليالأصوات، ما يعني أن 56 % من اليهودفي إسرائيلصوتوا لصالحاليمين المتطرفوللوائح اليهودالأصوليين، إلا أن لائحتينلم تجتازانسبة الحسمالبالغة 2 %، وهما: لائحة "قوة لإسرائيل" التيتمثل أشد عصابات الإرهابالاستيطانية، وحصلتعلى ما نسبته 1.76 % من الأصوات. والثانية لائحة "شعب كامل" المحسوبةعلى الحريديم،وحصلت على 1.2 % من الأصوات.وهذا لا يعني أنه في الجانبالآخر لم يكن هنالكمصوتو يمين؛فأمثال هؤلاءلا شك صوتوا لحزب "كديما" الذيهبط عدد مقاعده من 28 مقعدا إلى مقعدين. كما صوتوا أيضالحزب "الحركة" بزعامة تسيبيليفني. إلا أن التصويتلأحزاب الائتلافالحاكم هو تعبير أوضحعن التطرفوالميل إلى التطرف.ليس هذا وحده،بل رأينافي معسكراليمين المتطرفذاته جنوحانحو التطرفالأشد. ففي حين خسر حزب "الليكود" وحليفه "إسرائيلبيتنا" بزعامةأفيغدور ليبرمان 26 % من المقاعد،بهبوط الحزبينمعا من 42 إلى 31 مقعدا، فإن أصواتلائحتي المستوطنين،تلك التياجتازت والأخرىالتي لم تجتز نسبةالحسم، تضاعفتبنسبة 100 % مقارنةبالانتخابات السابقة،في حين أن عدد مقاعد عصاباتالمستوطنين المباشرةارتفعت من 7 مقاعد إلى 12 مقعدا، هذا رغم أن عصابات المستوطنينسيطرت على لائحة الليكود،وأطاحت بنوابتاريخيين، فقط لأنهم كانوايبدون وكأنهمأقل تطرفا.كذلك، رأيناأن عدد أصوات لوائح "الحريديم" ارتفعتهي أيضابنسبة32 %، وذلككرد فعل من هذا الجمهور الذيعاد ليجدنفسه مهددابأن تفرضعليه المؤسسةالحاكمة الخدمةالعسكرية في جيش الاحتلال،والتي يرفضهامن منطلقاتدينية محضة،رغم توجهاتهذا الجمهوراليمينية، والتيتزداد تطرفامن حين إلى آخر.في المجملالعام، فإن النتيجة النهائيةدلت على نوع من الاستقطاب. لكن هذا ليس مؤشرا على حقيقة الشارعاليهودي الإسرائيلي. وهذا الاستقطابمن شأنهأن ينقلبرأسا على عقب في أي انتخاباتجديدة. ولكن حتى لو تعاملنا مع النتيجة النهائيةلتوزيع المقاعدالبرلمانية على أنها استقطاب،فإنه يظل استقطابا شبيهابذاك الذيعرفه العام 1992، مع تغيرجوهري وأساسي،وهو أن استقطاب العام 1992، الذي مال نحو "اليسار" الصهيوني، كان في أساسهالجدل حول كيفية الخروجمن الصراعالإسرائيلي-الفلسطيني العربي، بينماالاستقطاب الحالييدور حول كيفية الخروجمن أزماتاسرائيل الداخلية. وفي اعتقاديأن تركيبةالبرلمان الإسرائيليالجديدة ليس فيها ما يوحي بأي تقدم نحو حل الصراع،وإنما الحفاظعلى الوضعالقائم، إلا إذا حدثتمفاجآت، أساساعلى الساحةالفلسطينية، تفرضتحولات في داخل الساحةالإسرائيلية.