الانتخابات اليوم بين مرشحين مسجونين وناخبين عازفين عن المشاركة
أخبار البلد
تجرى الانتخابات النيابية اليوم لاختيار مجلس النواب السابع عشر وسط حالة من الفتور الشعبي للمشاركة بالانتخابات، ومقاطعة الحركة الإسلامية وأحزاب معارضة ووسط، إضافة الى قوى وفعاليات شعبية وشبابية.واللافت للنظر في هذه الانتخابات أنها تأتي في ظل ما يعرف بـ»الربيع الأردني» الذي انطلق منذ قرابة العامين، وحقق جزءاً من أهدافه الإصلاحية؛ تمثلت بـ: تعديلات دستورية غير مكتملة، وحل مجلس النواب السادس عشر استجابة للمطالب الشعبية.
مرشحو الجويدة
وشهدت أيام الدعاية الانتخابية توقيف مجموعة من المرشحين؛ لتورطهم في ارتكاب جرائم انتخابية يعاقب عليها قانون الانتخاب، وثبت للقضاء بالأدلة والبراهين تورط هؤلاء المرشحين في عمليات شراء وبيع الأصوات وحجز البطاقات الانتخابية، والتأثير في إرادة الناخبين.
ويتوجه اليوم مليونان وقرابة الـ190 ألف ناخب ممن يحق لهم الانتخاب، والمسجلين في السجلات النهائية للدوائر الانتخابية في المملكة، فيما قاطع عملية التسجيل قرابة مليون و500 الف مواطن ممن يحق لهم الاقتراع.
وتجرى هذه الانتخابات -التي ترشح لها 606 مرشحين للدوائر المحلية، و819 مرشحا يمثلون 61 قائمة وطنية- تحت اشراف الهيئة المستقلة للانتخاب للمرة الاولى في تاريخ الانتخابات الاردنية التي جرى تشكيلها لهذه الغاية، بموجب القانون رقم 11 لعام 2012، وتتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي واداري.
وتضطلع الهيئة بالاشراف على الانتخابات وادارتها في جميع مراحلها، فيما يقتصر دور السلطة التنفيذية على تقديم الدعم اللوجستي والامني؛ لضمان سير العملية الانتخابية.
7 آلاف مراقب و13 سفارة
وسيراقب العملية الانتخابية 7020 مراقبا يتبعون تسع بعثات رقابة دولية، و13 جهة تمثل سفارات ومنظمات دولية عاملة في الأردن كمراقبين دوليين ضيوفاً، ومؤسسات رقابية محلية وعربية ودولية مستقلة، وهيئات تابعة لمنظمات اقليمية ودولية ذات خبرة وتجربة بمراقبة الانتخابات في دول العالم، وسط تأكيدات رسمية على مستوى عال بنزاهة اجرائها، وعدم السماح لأي جهة شخصا كان أم مؤسسة بالتدخل في مجرياتها.
المال السياسي
انتشار ظاهرة استخدام المال السياسي للتأثير في حرية الناخبين في اختيار مرشحيهم، يعتبر مساساً جوهرياً بحرية الانتخاب، وقد طالبت الجهات المراقبة للانتخابات الجهات الرسمية ببذل المزيد من الجهود لوقف تلك الممارسات ومحاربتها، وتطبيق أحكام القانون على كل من يلجأ إلى هذه الأساليب غير المشروعة حتى تكون الانتخابات نزيهة وشفافة، وتحقق العدالة بين المرشحين.
وحظر قانون الانتخاب على مجلس النواب تقديم أي مرشح من خلال قيامه بالدعاية الانتخابية لأي هدايا أو تبرعات أو مساعدات نقدية أو عينية أو غير ذلك من المنافع أو يعد بتقديمها لشخص طبيعي أو اعتباري، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو بالوساطة. وجرى التأكيد من قبل الملك على الالتزام بأحكام هذا القانون، حيث أكد الملك خلال لقائه رئيس ومفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب بتاريخ 9/1/2012 ضرورة العمل بكل جدية لمحاربة ظاهرة المال السياسي في أثناء عملية الانتخاب، بوصفه واجبا وطنيا لا يقتصر على جهة معينة، وعلى الجميع مواجهته بكل حزم.
مشدداً على أن تأثير المال السياسي السلبي لا يقتصر على نزاهة الانتخابات، بل على مستقبل كل أردني وأردنية، كما أكد رئيس الوزراء بتاريخ 6/1/2013 أن استخدام المال السياسي يعد رشوة، وأكد ضرورة محاربته من قبل الجميع، وحث المجتمع على ضرورة معاقبة من يشترون الذمم.
وعلى الرغم من تجريم القانون الاستخدام غير المشروع للمال في العملية الانتخابية، وتأكيدات أعلى مستويات الدولة بعدم استخدام المال السياسي، إلا ان المعلومات المتوفرة والمتواترة من قبل فرق الرقابة الميدانية، وما ينشر في وسائل الإعلام كافة تؤكد تسرب المال إلى العملية الانتخابية.
وهو ما جرى تأكيده من خلال العديد من التصريحات الصادرة عن المسؤولين، وأهمها تصريحات رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب عبدالاله الخطيب حول ورود معلومات للهيئة المستقلة بوجود مال سياسي، لافتاً الى أن الهيئة ستعمل على متابعتها مع الجهات الأمنية المختصة، وسيصار الى تحويل من يرتكبها الى القضاء؛ لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها.
إضافة إلى ما أكيده الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب لعدة مرات على وجود المال الفاسد، وان من يدعي عدم وجوده، فهو واهم ويكذب على الناس.
مظاهر «المال الاسود»
أما ابرز مظاهر استخدام المال في العملية الانتخابية وشراء الأصوات، فتمثل بلجوء بعض القوائم العامة الى استكمال عدد المرشحين في القائمة؛ من خلال استقطاب بعض الأشخاص للترشح معهم ضمن القائمة، دون تكبدهم أية نفقات بما في ذلك دفع رسوم ترشحهم ونفقات الحملة الانتخابية لهم، وتكفُّل بعض المرشحين ممن احتلوا مراكز متقدمة في بعض القوائم العامة بالمساهمة بدفع تكاليف الدعاية الانتخابية لتلك القائمة.
ومن ذلك: استخدام بعض المرشحين اشخاصاً لمدد محددة، وتكليفهم بالمسؤولية عن مجموعة من الناخبين، وقيامهم بحجز بطاقاتهم الانتخابية حتى يوم الاقتراع؛ لضمان تصويتهم لصالح مرشح أو قائمة ما، إضافة الى انتشار ظاهرة شراء الأصوات مقابل مبالغ مالية، إما مباشرة من القائمين على الحملات الانتخابية للمرشحين، أو من خلال سماسرة يقومون بجمع بطاقات بعض المواطنين ذوي الظروف الاقتصادية الصعبة، وعرضها للبيع مقابل مبالغ مالية لمن يدفع أكثر؛ إذ يتم دفع نصف المبلغ عند استلام البطاقة الانتخابية والنصف الآخر بعد الاقتراع.
ومن الأمثلة على ذلك جمع البطاقات الانتخابية للناخبين في العديد من الدوائر الانتخابية مقابل تقديم مبلغ نقدي مباشر، وجمعها مقابل تقديم دعم عيني مثل الحرامات والمدافئ والهواتف، أو مقابل إرسال أصحابها لتأدية العمرة لكسب أصواتهم، وكذلك قيام بعض المرشحين بإرسال مواطنين في رحلات عمرة؛ بغية حجب أصواتهم عن منافسيهم من المرشحين.
جمع البطاقات الانتخابية للناخبين من الطلبة، مقابل دفع رسوم الفصل الجامعي، لاسيما الجامعات الخاصة، جمع البطاقات الانتخابية للناخبين؛ بحجة وجود وظائف شاغرة للشباب في مدارس خاصة سيتم افتتاحها في الفصل الدراسي القادم، وتوزيع المعونات والطرود من عدد من المرشحين في الدوائر الانتخابية.
وجمع البطاقات الانتخابية للناخبين في عدد من الدوائر الانتخابية مقابل تقديم مبلغ نقدي مباشر؛ لغايات إتلافها حرقاً للتأثير في العملية الانتخابية، أو حرمان منافسيهم من أصوات أصحاب تلك البطاقات.
وتمكن الأمن الوقائي من كشف ملابسات قضية بيع وشراء بطاقات انتخابية في العاصمة عمان، فقد جرى ضبط شخصين من قبل أجهزة الأمن الوقائي، واعترفا بالاشتراك مع آخرين بحجز بطاقات انتخابية، والاتفاق مع مرشحين لبيعها لهم مقابل مبلغ مالي، وقد سلّموا أحد المرشحين 793 بطاقة انتخابية مقابل شيكات بنكية، واتفقا على تسليم مجموعة اخرى من البطاقات.
كما ضبطت اجهزة الأمن الوقائي أحد أصحاب السوابق، وشخصاً آخر من جنسية عربية يروجان لبطاقات انتخابية مزورة في محافظة المفرق، حيث تم ضبطهما بعد أن باعا ما مجموعه 48 بطاقة بعض المواطنين مقابل خمسين ديناراً لكل منها.
فقدان الثقة
ويعود سبب اهتزاز الثقة بالانتخابات والكيانات المنتخبة في الأردن بعد إجراء عدة انتخابات تشوبها الأخطاء في السنوات الماضية؛ نتيجة تدخلات المخابرات او الأجهزة الأمنية الأخرى، مما شكل سبب رئيسي في حالة عدم ثقة الناخبين الأردنيين في المؤسسات السياسية.
ولم تقتصر حالة انعدام الثقة والشك في عملية الاصلاح، بالإضافة الى غياب الحماس للعملية الانتخابية على الجماعات السياسية التي لا تنوي المشاركة في الانتخابات، إنما عبرت عنها أيضا الأحزاب والأفراد الذين ينوون المشاركة في الانتخابات.
وبحسب مراقبين، فإن مختلف الأطياف السياسية تعتقد أن أي انتخابات تعقد بموجب قانون الانتخاب الحالي سوف ينتج عنها برلمان مشابه في تركيبيته المجالس السابقة التي لم يحظ العديد منها بالرضا الشعبي.
نسب المشاركة
مراقبون ارجعوا أسباب احتمال تدني نسب المشاركة إلى عدة عوامل؛ أبرزها: القرارات غير الشعبية برفع أسعار المحروقات والسلع الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة مع قرب إجراء الانتخابات.
وقناعة ناخبين أن العملية السياسية لن تمثل نقطة تحول حقيقية في ظل مقاطعة قوى سياسية وعشائرية، وتصاعد حدة التوتر بين الدولة والمعارضة، إلى جانب الشعور بأن إجراء الانتخابات لن يحدث فرقاً واضحاً في أحوالهم المعيشية، والشكوك المتنامية في إجراء الانتخابات في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها سورية.
أحدث استطلاعات الرأي حول نسب المشاركة أعدها مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني مع مؤسسة الشركاء الدوليين، رجحت أن تبلغ نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة 47 بالمائة، ونسبة المترددين في التصويت 21 بالمائة.
وكشفت عينة الدراسة المكونة من 1620 مواطنا موزعين على مختلف أنحاء البلاد، أن أعلى مشاركة متوقعة في الانتخابات ستكون في محافظة المفرق بنسبة 73 بالمائة، وأقلها في العاصمة عمان بنسبة 25 بالمائة.
وأظهرت الدراسة أن نسبة المسجلين للانتخابات بلغت 66.2 في المئة، وهي تختلف قليلا عن تلك التي أعلنتها الهيئة المستقلة للانتخاب سابقا وقدرها 70 في المئة، مبينة أن أقل المحافظات تسجيلا هي العاصمة بنسبة 45.9 في المئة، وأكثرها تسجيلا معان بنسبة 98.4 في المئة.
كما أظهرت أن 39.1 في المئة من الأردنيين غير مهتم بالتعديلات الأخيرة على قانون الانتخاب، و22.3 بالمئة منهم راضون إلى حد ما عنها، بينما اعتبر 24.8 في المئة أن إلغاء قانون الصوت الواحد، أهم ما يجب ان يحدث على القانون من تعديلات.