وقانا الله قتلى الانتخابات

أحمد محمود سعيد


نحن على موعد غدا مع يوم مشهود يوم حشدت له الحكومة والهيئة المستقّلة ومعظمهم من ابناء الحكومة حشدت كل وسائل النزاهة والشفافيّة والاستقلالية والحرّية والمراقبة المحليّة والعالميّة واللوجستيّة لكي تتم عمليّة انتخاب المجلس النيابي السابع عشر حسب قانون انتخاب مثير للجدل كما حشدت المعارضة كل الوسائل السلميّة لتشجيع الناخبين عدم التوجّه لصناديق الاقتراع كما استنفر معظم المرشّحين حيث استلّ كل مرشّح ما لديه من امكانات ماديّة او لوجستيّة للحصول على تأييد اكبر عدد ليتمكّن من الجلوس تحت القبّة كنائب عن الشعب .

غدا يوم الرحى وستفرز النتائج مائة وخمسون ناجحا فيما ستلفظ مئات من الساقطين الذين سيجرّون اذيال الخيبة مساء الغد ليستعدّوا لجولة اخرى لاحقا والله اعلم .

غدا يموت من القهر الكثير ممن رسبوا بعد ان خسروا الكثير من المال والجهد وغدا يموت من يكون في داخل مناوشات غير سلميّة قد تستخدم كل ادوات الغلّْ المتاحة بين ايديهم وقد تكون النتائج كارثيّة لا سمح الله .

اما القتلى الاخرون الذين نرجوا الله ان لا يحصل فهم الابرياء الذين قد يسقطون نتيجة بهجة الناجحين وانصارهم الذين قد يستخدموا جميع الاسلحة المتاحة بين ايديهم للتعبير عن فرحتهم او لمناكفة اندادهم الذين رسبوا مما قد يؤدي لاصابات لا سمح الله وقد يكون بين المبتهجين من كانوا كباراو تتم التجاوزات بمرى الدولة.....

استعمال السلاح هي عادة متوارثة من جيل الى جيل وهي من ثقافتنا وقد تكون كامنة فينا وتعبّر عن عدم قدرتنا على مواجهة العدو بالسلاح فنفرّغ طاقة حب استعمال السلاح في التعبير عن افراحنا او في الشجارات والنزاعات التي تحصل بيننا كاقارب او ابناء عشائر او في النزاعات الطالبية في الجامعات والتي اغلبها من اجل الجنس الاخر وغيرها من الشأن الداخلي واهمّها الاعراس ونتائج امتحانات التوجيهي او نتائج الانتخابات يشكل عام او للمباركة بالتعيينات في المناصب العليا او غيره من نشاطات من هذا القبيل وكثير من هذا الاستعمال للسلاح يسبب وفيات او اصابات او إعاقات وينتج عن ذلك خلافات اجتماعية او مصائب تعود على المجتمع او بعض افراده بالويلات .

وبالرغم من التوعية المستمرّة والاتفاق على بعض وثائق الشرف المتعلّقة بذلك فما زالت الضحايا تقع باستمرار وقد يكون ذلك نتيجة خلل او ضعف في الاجرائات الامنيّة او عدم كفاية العقوبات الجنائية والقضائية المتّخذة في الاحكام الصادرة عن القضاء .فما ذنب المرأة التي قد تترمّل اوتفقد احدابنائها او الاب الذي قد يفقد ابنا او بنتا او الولد او البنت الذي قد يفقد احد والديه نتيجة رصاص طائش من رجل غير مبال وهمّه ان يفرح او ينافق لصاحب المناسبة وتكون النتيجة مقتل شخص والقاتل يودع في السجن في انتظار شيوخ الجاهات والعطوات ليبدأوا مرحلة الترجّي وتطييب الخواطر وتسمية وكيل الدفا والوفا وغير ذلك من الاثار البالية للمجتمعات البائدة التي خلّفت لنا تلك العادات السيئة والتي تجلب لنا العار والخسائر الماديّة والمعنويّة وقد تكون من تداعيات بعض تلك النتائج إجلاء اهل القاتل واقاربه للجد الخامس من اماكن سكناهم إضافة لترك البعض اعمالهم وحملات جمع الفلوس لمساعدة اهل القاتل لدفع الديّة ونفقات اخرى .

وقد كان سجن الجويّدة اكبر مقر انتخابي في اخر ايام قبل يوم الانتخاب حيث ضم العديد من المرشّحين والسماسرة الذين آثروا النجاح بالرشوة مستغلّين الوضع الاجتماعي الصعب وهذا نذير شؤم وقد يزيد من حالات العنف بعد ظهور النتائج كما ان انتشار الفيديو الفضيحة والذي قيل انّه مُفبرك وتوقيت نشره فيه الكثير من الشبهة وإثارة الفتنة ولكنّه يشير الى تناحر على مستوى كبير وذلك ايضا مؤشر سلبي خاصّة اذا تم اي محاسبات بعد النتائج واما الفساد وقضاياه الشائكة له ابعاده وتداعياته إضافة لما تناقلته الانباء عن تبادل رسائل ساخنة بين مسؤولين وجماعة الاخوان تهدّدهم بحل تنظيم الجماعة هذا اضافة للوضع الصعب للمواطنين وازدياد البحث عن فرص عمل خارج الاردن من موظفين حكوميّين وغيرهم من الشباب في مقتبل العمروفي سن العمل والانتاج .

كلّ ذلك مؤشّرات سوداويّة وكأن الاردن فقط لمجموعة قليلة العدد من السكّان ولا تصلح لمعيشة ستة ملايين او يزيد مع ان الله حباها بمقدّرات كبيرة ولكنّنا لم نستطع الحفاظ عليها فاستأسد الفاسدون ونهبوا الموجود وافقروا الناس في ظلّ حكومات لم تستطع عمل شيئ ووجود غالبيّة صامتة قبلت العيش بما تيسّر حتى نفذ المتيسّر .

واخر دعوانا ان يحمي الله الاردن وارضه وشعبه وقيادته من كل سوء وان يمرّ يوم غد يوم القرار الصادق للمواطن المخلص بهدوء ويقينا اي خسائر في الممتلكات والارواح وان يُلهم الناس الصبر في فرحهم ومشاعرهم ويبتعدوا عن إطلاق الاعيرة الناريّة ابتهاجا والله الموفّق .