هل نَصْدُق كشعب مع الوطن؟
غدًا الأربعاء سيلتقي الأردنيون مع الاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات النيابية للمجلس السابع عشر، ولعله من الطبيعي القول إن ماهية هذا المجلس ستختلف كليا عما سبقه من مجالس ، خاصة في تحقيق دوره وادائه كممثل لأبناء الوطن جميعا .
غدًا سيلتقي الوسط مع اليسار واليمين ، والشيوعي مع البعثي مع الديني مع الوطني مع العشائري ، سيلتقون جميعا على قاسمهم الأعظم ، ألا وهو الأردن . سيتوجهون بأفكارهم وآرائهم ويسيرون نحو الحشد والتأييد ، دعاة بناء ونهضة وتطوير وإصلاح . جميعا سيختلفون في الرؤى ، لكنهم سيتفقون على الهدف ، الذي هو خدمة الوطن والمواطن .
لكن السؤال الذي لا بد وأن نسأله جميعا لأنفسنا في رحاب هذه التظاهرة الوطنية ، هل صوتنا مهم ، وهل نستطيع به أن نطور ونصلح ونشارك في محاربة السلبيات، وكف أيدي الذين يتاجرون بنا باسم الحرية والخصخصة والانفتاح وغيرها من تسميات ؟ وهل سنعيد الثقة لأنفسنا بمقدار ما نعيد هيبة الدولة الأردنية ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ، بعد أن كثر اللغط وتعددت الشواهد وأصبح الحديث عن الصواب جزءا من الغرابة ، وأصبحنا نعيش غربة في عقر دارنا ؟ وهل ما سنقوم به غدا سيكون بداية تصحيح الاعوجاج ؟!
ولعلّي هنا أنظر إلى الأمور من إطارها الأوسع مبتدئًا بالملك الذي أوضح في رؤيته التطلع نحو واقع الاصلاح وخارطة طريق المسيرة الاصلاحية نفسها ، وما تتضمنه من دواعي التفاؤل باعتبار أن الملك هو الأكثر إطلالا وإشرافا على واقع التغييرات التي تُحاك للمجتمع والإقليم والعالم ، إضافة إلى أن خبراته وفرت له جعبة ممتلئة من التجارب مكنته من الإمساك بالسمين الدسم الذي ينفع الوطن والناس ويرفض الغث الفاسد ويحارب محاولات التأخير والتباطؤ والتلاعب بمصير الوطن والمواطن كلها، ويمنع تمرير الصفقات المشبوهة باسم الخصخصة و المصلحة والانفتاح والتطور المجزوء . في حين ان مواطننا -الذي اصابته نوبة من الاحباط عززتها نماذج الفساد وحالاته ، وثبتت في دماغه مقولات فقدان الثقة في الحاضر والمستقبل - احتاج إلى صدمة عصبية قوية لإعادة حركة تفكيره وتشغيل مَكِنة التوجيه لديه نحو سكّتها الحقيقية بمنطوقها المتفائل ، بحيث تشكل بداية مستحبة لحاضر ومستقبل الوطن بعيدا عن الأسماء اللامعة وما يسمى بالنخب السياسية التي أرى أنها غير قادرة على قيادة المرحلة المقبلة لأسباب عدة :
أولها، عدم وضوح الرؤية وضعفها في مواجهة المستجدات والمتغيرات الوطنية .
وثانيها ، فقدان ثقة الناس لارتباطها بحالة الفزع العام التي أصابتهم خاصة وإنها أصبحت عناصر معطلة ومحلا للتشكيك "والقيل والقال ".
غدًا هو قول المواطن وصوته وإرادته ، فمن أراد أن يمارس هذه المواطنة فله الباب مُشْرعًا على مصراعيه ولا حجة له ، ولا تخوف من المصير ، فالأمر واضح والوضع تغيّر، والإرادة العليا تراقب كل كبيرة وصغيرة وتصر على انتخاب نواب أصحاء يخرجون من رحم ونبض الشارع الأردني بعيدا عن محاولات الدس والتزييف والمال السياسي وشراء الضمائر والمتاجرة بها واستغلال فقر الناس وحاجتهم.
غدا سنلتقي جميعا ، أمّيين ومتعلمين مثقفين وغير مثقفين ، حرّاثين ووزراء ، سفراء وعمال، ذكورا وإناثا ، شيبا وشبابا ، سنلتقي واضعين وطننا بين أعيننا ، نُصفّق لثراه الطاهر النبيل مُلبّين واجبه علينا ، بالحق والمنطق والوطنية .