الدولة المدنية ... والادارة بالاهداف يا جلالة الملك


لبلورة رؤية جلالتكم في ورقتكم النقاشية الثانية والتي اكدتم فيها على غرس مفاهيم الحوار والتوافق وشيوع ثقافة الرأي والرأي الآخر بين الناس بغية التوصل لحلول مقبولة ومعقولة لكافة القضايا التي تؤرقنا وطنيا" وشعبيا" ، فاني استميحك عذرا"- يا جلالة الملك - بالمشاركة في النقاش حول الورقة المنوه عنها كفرد من عامة الشعب ، وأرفع العلم ممشوقا" في تقديم رأي علمي مجرب ومستند الى تطبيقات محدثة اثمرت نتاجاتها في حياة كثير من الامم والشعوب تقدما" وسؤددا" .
هذا الرأي يا سيدي يتجسد في غرس وتطبيق نهج ادارة شؤون الدولة (بالاهداف والنتائج ) على المستوى التنفيذي والتشريعي والقضائي والاعلامي ، حيث جلبت لنا ادارة الازمة التي اتبعناها سابقا"حلولا" آنية وتجميلية فقط راكمت ازماتنا أزمات ، وزادت من تعقيدات حلولها حتى وصلت بنا الى ما نعايشه من آثار اثخنت قدراتنا وقلصت فضاءاتنا وتطلعاتنا ، فما أحوجنا الآن يا مولاي الى تغيير أو استبدال نهجنا الاداري المتبع بالنهج المقترح سيما وان جلالتكم يتطلع والشعب من وراءه الى الولوج في مرحلة جديدة في مسيرة بلدنا بعد الانتهاء من عملية الانتخابات النيابية التي تتطلعون جلالتكم خلالها الى تحقيق الشراكة ما بين الحكومة البرلمانية وحكومة الظل .
ان هذا النمط من الاسلوب الاداري الذي اقترح تطبيقه يا جلالة الملك يتطلب شراكة فعلية جادة وشفافة بكل المقاييس ما بين الرئيس المكلف وفريقه الوزاري من جهة ، وباقي أعضاء مكونات المجلس المنتخب ولجانه المختلفة من جهة أخرى ، في تحديد الاهداف وأولوياتها أولا"والتي ينبغي عليهم جميعا" كفريق واحد العمل على تحقيقها بعد تحديدها تحديدا" دقيقا" وتحديد مسؤولية كل طرف فيها على شكل نتائج متوقعة من كل طرف ، وبالتالي كتابة خطة واحدة مشتركة لتحقيق تلك النتائج ومن ثم الاتفاق على وضع معاييرواضحة ومحددة لقياس الانجازات والمخرجات ، ثم الاتفاق على مسارات وآليات تنفيذها وانجازها ضمن مراجعة دورية بتواريخ محددة أيضا" تحظى بالاجماع من كلا الطرفين للوقوف في وجه المصاعب والمعيقات والعثرات ووضع الحلول الملاءمة لها وتقويمها وتجاوزها ، واقترح ايضا" ان يتم عرضها على الناس جميعا" عبر وسائل الاتصال والاعلام الرسمية والخاصة لاستكمال حلقة المسؤولية الجماعية وترسيخ مفهومها وتجذير نهج الشورى الذي ما فتئتم تدعون له جلالتكم .
ان هذا الطرح يا جلالة الملك يتماها تماما" وهدفكم من نشر هذه الاوراق والمتمثل بتفعيل دور الدولة المدنية القائمة على دمقرطة المجتمع الاردني بكل اركانه ومكوناته من خلال الاقتناع بالاسلوب التعددي والاخذ به ، واحترام الطرف الآخر وتقوية دور المواطن في المشاركة بادارة الدولة ألامر الذي حتما" سيعيد ثقته بها ويعززشعوره الداخلي بانتماءه الحقيقي لها ويحصن حرصه على بقاءها وديمومتها .