الخطوط الحمراء أضاعت الوطن



لقد عاش الأردن فترة طويلة قبل الأحداث الأخيرة التي يسمونها ربيعا عربيا تحت مزاعم وادعاءات فارغة تسمى الخطوط الحمراء لمنع الاقتراب من دوائر الحكم الثلاثة المخابرات القصر حكومة الواجهة وكلها خطوط حمراء كما يقولون ، والحقيقة أن تلك الخطوط الوهمية هي من أفقد الوطن بورصته والمواطن حقه في المواطنة خاصة من الدولة الأمنية إياها ولا نعلم ماذا يعني الخط الأحمر غير التستر على الفساد والفاسدين خاصة بعد فضيحة اثنين من مدراء جهاز المخابرات وهو أكبر الخطوط الحمراء ، وهؤلاء الاثنين من كشف أمرهم وبالتأكيد ليس هم وحدهم الفاسدين خاصة بعد مقولة الذهبي الصغير وهو على رأس سلطته وقد جاء بشقيقه رئيسا للوزراء بأن أسماء أعضاء مجلس النواب الناجحين في جيبه قبل إجراء الانتخابات النيابية والآخر الذي سوق نفسه بأنه صانع الملوك ، حدث ذلك قريبا بعد هبة نيسان المجيدة بسنوات عديدة تلك الهبة التي بفضلها أجبر النظام على القيام بانفراج سياسي نسبي وان كان أفرغه من مضمونه بعد ذلك من خلال القوانين التشريعية التي وصلت في عصر حكومة أبو الضرائب سيئة الذكر بأكثر من (200) قانون ولا نعلم عن أي إصلاح يتكلم النظام وأبواقه المدفوعة الأجر في وسائل الإعلام المفترض أن تكون ملكا للشعب الأردني .
ومع أحداث المنطقة الأخيرة ألمسماه بالربيع العربي للأسف لم يستفد النظام الأردني منها شيئا ولم يحصن الوطن وليس الحكم فقط بقوانين محترمة ولا يزال الحكم في وطننا ما بين الدوائر الثلاثة المخابرات والقصر والواجهة.
ومن يتابع الماراثون الانتخابي على الساحة الأردنية وما أنفقه بعض المرشحين الباحثين عن السلطة ليعلم أننا لم نتقدم خطوة للأمام ولا يزال الحكم تائها والقوة لمن يملك المال والسلطة وليس الشعب مصدر السلطات ولا تزال مقولة الخطوط الحمراء موجودة مع أنه في كل دول العالم المتحضر الخط الأحمر الوحيد هو الشعب وما عدا ذلك عبودية لا مكان لها في القرن الواحد والعشرين .
ولا تزال بعض الأجهزة تمارس سلطاتها التي هي فوق كل القوانين والأنظمة وتعتبر نفسها الخط الحمر وان فاحت منها رائحة الفساد وحماية الاستبداد وسرقة المال العام وحتى أراضي الوطن اعتدت عليها لتدسيم قطعانها من خلال المزارع والشركات وربما تكون هي الشريك الاستراتيجي الغير معلن في الكثير من المشاريع الكبيرة وحتى الصغيرة في آن واحد ولا أحد يتكلم لأن ذلك خطوط حمراء هكذا يقولون .
أكتب ذلك ويشهد الله ليس بصفتي من فقد وظيفته ونكل برزقه وأجبر على بيع ما يملك من قبل جهاز القمع والإرهاب إياه ولكن من أجل وطني الذي أجده يسير من أزمة لأخرى ومن مديونية قفزت إلى أكثر من عشرون مليار دولار باعتراف الجميع وأصبح الأردن حتى ضمن القوانين الدولية بلد فاشل نتيجة ارتفاع مديونيته بأكثر من دخله وإنتاجه ، وبعد ذلك وبكل وقاحة سياسية يقولون لنا خط أحمر ، هل رأيتم مأساة أكثر من ذلك وهل بقيت خطوط حمراء بعد أن تجاوزوا بفسادهم كل الخطوط ورهنوا إرادة الوطن لأعدائه وباعوا مؤسساته الناجحة قبل الفاشلة ورفعوا الأسعار حتى أصبحت حياة المواطن جحيما لا يطاق وبعد ذلك عن أي خطوط حمراء يتكلم الفاسدون والخونة والخط الأحمر الوحيد الذي نؤمن به هو الشعب الأردني ووحدته الوطنية بكل أجناسه وتوجهاته وهو من سيقتلع الفاسدين من جذورهم ويعيد للمواطن حقه المقدس في وطنه أمنا مستقرا .