النووي الكوري والايراني والتهديد الاميركي

مهدي مبارك العبد اللات

في عام 1945 وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وتم تقسيم شبه القارة الكورية مابين الاتحاد السوفيتي الذي احتل كوريا الشمالية وأنشأ نظاما شيوعيا فيها في حين سيطرة أمريكيا على القسم الجنوبي وعززت بناء دولة ديمقراطية ثم انسحبت أمريكيا وروسيا من الكوريتين

دخلت وتوغلت بعد ذلك كوريا الشمالية في الأراضي الكورية الجنوبية ما ادى الى اشتعال ازمة دولية في المنطقة امتدت ثلاثة سنوات مابين الطرفين واستطاعت أمريكيا كعادتها في الماضي البعيد والحاضر القريب استصدار قرار من مجلس الأمن باستخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية وبسرعة واضحة انطلقت حجافل القوات الدولية واحتلت العاصمة بيونغ يونغ حتى وصلت الى الحدود الصينية المتاخمة ثم تراجعت بعد مقاومة شديد من الشعب والجيش الصيني وبعد حرب ضروس حصدت اربعة ملايين مابين قتيل ومفقود وجريح بين عام 1950- 1953 والتي هددت فيها امريكيا باستخدام القنبلة الذرية بعد العديد من الانتصارات الكاسحة التي حققها الجيش الشعبي الكوري الشمالي

منذ تلك الحرب وكوريا الشمالية تخشى على وجودها ومستقبلها حيث بدأت التفكير بالتسلح النووي لمواجهة خطر أمريكيا وحلفائها وقد استفادت كثيرا من الخبرات الروسية والصينية والباكستانية وقد جهزت طواقم علمية تزيد على ثلاثة ألاف عالم وباحث لانجاز المشروع النووي الكوري الشمالي

الغطرسة الأمريكية ولغة الاستهداف والرغبة الدائمة في الهيمنة أشعلت التوتر في العلاقات بيني البلدين نحو الأسوياء خاصة بعد اتهام أمريكيا لكوريا بامتلاك برنامج سري لتخصيب اليورانيوم وتصنيف كوريا ضمن دول محور الشر الى جانب إيران وسوريا مما دفع كوريا في عام 2002 إلى طرد المفتشين الدوليين وإزالة الأختام عن المعمل وإغلاق كميرات المراقبة في مفاعل " يونجيبيون " والتوجه بعزيمة أكبر وتحدي أعمق نحو إنتاج الأسلحة النووية وقد أكدت ذلك باجراء تجربة نووية قبل سنوات لتصبح ثامن دولة تجري مثل هذه التجارب مما جعل أمريكيا تفقد صوابها وتجند العالم من اجل إصدار عقوبات دولية ضد كوريا

أمام فشل أمريكيا باستخدام القوة العسكرية المباشرة وعدم جدوى العقوبات الاقتصادية والملفت للنظر والحيرة في حينها هو أن أمريكيا كانت على علم ومراقبة دائمة للبرنامج الكوري منذ الستينات فما الغريب إذا لإثارة مثل هذه الزوبعة في تلك الأثناء

الحقيقة التي لا مراء فيها وتغطي أمريكيا نورها بغربال واسع الثقوب هي أن كوريا وإيران أو أي دولة أخرى في العالم تسعى إلى امتلاك السلاح النووي لا تؤثر على أمريكيا أو الغرب ولا تهدد بأي القدرات التفوق العسكري الأمريكي والغربي الهائل وإمكانية الرد السريع

التهديد الوحيد الذي تخشاه أمريكيا من هذه الدول هو تحدد فرض الهيمنة الأمريكية وإمكانية التصدي والمواجهة عند شن حرب عدوانية على هذه الدول أو غيرها كما حدث في العراق وأفغانستان ومتوقع ان يحدث في سوريا وإيران فلو كانت على سبيل المثال العراق وأفغانستان تملكان قدرات تسليحية نووية لفكرة أمريكيا ألف مرة قبل احتلالهما وربما سعت إلى الدبلوماسية والخديعة وركبت الحصان الدولي الضعيف لفرض تهديدات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع كما هو الحال اليوم مع إيران وكوريا الشمالية التي تتحدى أمريكيا والغرب بتجاربها الصاروخية المرعبة والجديدة التي تجعل أمريكيا في حيرة تحبس أنفاسها خوفا من هول وعظم كل مفاجئة

mahdmublat@gmail.com