الناس نفوس

خلق الله البشر وأعطاهم عن طريق أنبيائه كل الوصايا لتكون قاعدة حياتهم من أتبع تلك الوصايا كان إنساناً تقياً ونفساً طاهرة ومن لم يتبع تلك الوصايا صار إنساناً لا فرق بينه وبين البهائم إلا النطق .
النفس الردية أصبحت موجودة في المجتمع وفي كل مكوناته وأعماله ونشاطاته من المواسرجي إلى الطبيب والمحامي وغيرهم وللأسف هناك الشرفاء لكن حبة البرتقال الفاسدة في صندوق تفسد وتسيء إلى الصندوق ومن فيه .
زادت السرقات وزاد النصب والأحتيال وزاد الأستغلال حتى تحولنا إلى مجتمع ذئاب وتعزز المثل الشعبي إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب !! وتعزز المثل الشعبي الكذب ملح الرجال فأصبح هذا الزمن رديئاً وفي الزمن الرديء العملة السيئة تطرد العملة الجيدة !! والكاذب يُصدق والخائن يؤتمن !! وأصبح المال هو مقياس الزعامة والوجاهة بعد أن كانت متطلبات الزعامة هي الشهامة والشجاعة والكرم والتواضع وأصبحت الرجال تقاس بما تملك !! ما تملك من جاه ومال فنظرة واحدة إلى صفحات النعي في الصحف تدرك حجم النفاق السياسي والأقتصادي إذا ما كان المتوفي أو المتوفية من أقارب صاحب اللقب أو صاحب المال !! .
ذهبت مرة لتعزية صديق بوفاة والدته وكان مسؤولاً على رأس عمله فوجدت الصيوان مليئاً بالناس ثم وبعد ثلاثة شهور ترك المنصب وتوفي والده فذهبت لتعزيته وجدت الصيوان فارغاً !! .
عشت في أوروبا سنوات الدراسة لم أسمع مرة واحدة أن أحدهم أقسم بالله وكتبه وكان يصدق !! عدت إلى الوطن أسمع كل يوم عشرات الذين يقسمون بالله وبأنبيائه وكتبه !! لأكتشف أن 90% منهم غير صادقين !! .
مررت بتجربة الأنتخابات البرلمانية مرتين وكنت أزور البيوت والدواوين وأجتمع مع الناس وكان عدد الذين كانوا يقولون لي أبشر يا دكتور يكفي (العدد) لإنجاح 100 مرشح !! واليوم أقوم بزيارة الدواوين لصالح مرشح صديق لي أسمع عن المال السياسي قصصاً تجعل الإنسان يشمئز من شيء أسمه أنتخابات أرى دعايات بعض القوائم وأسأل نفسي هل نحن في شيكاغو في أمريكا !! وهل وصلنا إلى مرحلة من التقدم التنافسي مثل الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في أمريكا وأخرج دائماً من هذا وذاك وفي كل قضية أجتماعية بقناعة واحدة أننا نعيش في أزمة أو أزمتين رئيسيتين هما السبب في كل أمورنا ومشاكلنا الازمة الأولى هي أزمة أخلاق !! والثانية أزمة التخلف الفكري .
في كل دول العالم المتقدم أصبحت تلك الدول متقدمة سياسياً وأقتصادياً وأجتماعياً عندما بدأت منذ قرون بالتقدم الفكري فهو الأساس لكل أشكال وأنواع التقدم علينا أن نعترف بهذه الحقيقة وبخلاف ذلك سنبقى ندور في حلقة مغلقة وستبقى عقولنا أسرى لتخلفنا الفكري !! ولن تتحرر فتحرر العقول هو الذي يصنع الحضارة بكل ما تعني الكلمة وأهمها الحضارة الإنسانية !! فالشعوب التي تمتلك الحضارة الإنسانية هي الشعوب المتحضرة والراقية وهنا لا أتكلم عن الأنظمة السياسية في العالم والتي تقود شعوبها وتقود العالم فهذه لا تملك الحضارة الإنسانية لكنها تملك حضارة الأسلحة المدمرة والحروب والظلم الواقع في العالم اليوم حضارة القتل والدمار والحروب حتى لو أمتلكت كل مظاهر الحضارة من قوة وعلم وجيش وناطحات وغيرها لا تعني أنها متحضرة إنسانياً !! .
نحن بحاجة إلى عودة المسيح ليحكم العالم ليزيل الظلم ويحقق العدالة ويزيل الكذب والنفاق ويعيد كرامة الإنسان .
أفسدت الناس الأرض بهوائها ومياهها وطعامها وأفسدت النفوس كما في البحار والمحيطات تأكل الحيتان الأسماك الصغيرة كذلك الأمر أصبح على الأرض اليابسة يأكل القوي الضعيف وساد الظلم وغابت العدالة الإجتماعية .
نحن بحاجة إلى ثورة حقيقية تعيد الأخلاق للأجيال القادمة وإلى ثورة حقيقية للبدء في عملية التقدم الفكري .