الانتخابات القادمة تجربة لا تحتمل الخطأ


جلالة الملك أصدر إرادته السامية بإجراء الانتخابات وفق أحكام الدستور والحكومة استكملت معظم الإجراءات الفنية والإدارية واللوجستية وقبل إعلان الموعد المؤكد لإجراء الانتخابات النيابية للمجلس السادس عشر في الثالث والعشرين من الشهر الجاري ودعوات المقاطعة والحشد لمسيرات عارمة في كل جمعة مستمرة للتعبير عن الغضب والسخط من قوى المعارضة ومؤازريها حول الانتخابات بموعدها وترتيباتها وقانون الصوت الواحد الذي منذ تطبيقه عام 1993 لم يعزز مسيرة الإصلاحات السياسية وينقصه الإجماع الوطني العام وبالرغم من واقع السياسة الداخلية المشحونة ومحيط المنطقة المتأزم وجملة الشكوك التي تطرح والأصوات التي تتعالى بأن الحكومة لا تريد برلماناً قوياً و لا ديمقراطية تنمو و تترعرع في أجواء صحية وانه لا يوجد نية صادقة وأمينة لإجراء انتخابات ناجحة ونزيهة ستجرى الانتخابات بمن حضر ويرى البعض في الانتخابات المقبلة استفتاء شعبي على ما تم انجازه من تشريعات لتعزيز منظومة الإصلاح السياسي والذي يشكل القاعدة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي

الانتخابات النيابية القادمة ستكون بالفعل الأكثر أهمية وغرابة من نوعها في تاريخ المملكة مع اتساع حملة مقاطعتها إذ أعلنت قطاعات وأحزاب ومكونات عديدة داخل الشارع الأردني عدم نيتها خوض العرس الديمقراطي انتخابا وترشيحا الأمر الذي يجعل الانتخابات المقبلة وكما يريد البعض محكومة بالفشل مسبقا ويتوقع أن تنتج برلمانا مشوها وهجين مع وجود اعتراف رسمي لأول مرة بأن ممارسات طائشة ورعناء خلال الانتخابات العامة السابقة عامي 2010 و 2007 هي التي أوصلت البلاد والعباد للوضع الراهن وان ممارسات التزوير المتكررة كانت استفزاز واضح لمشاعر الأردنيين التي لم تعد تحتمل هكذا استهتار وإهانة لإرادة الشعب

أن قيام انتخابات نزيهة هو حق للمواطن تحاسب عليه الحكومة وعيها الالتزام بالقانون والنزاهة وليس تحقيق نسبة مشاركة عالية والشفافية والمصداقية على المحك وفي عين العالم وضمن مفترق صعب وهي التحدي الأكبر للهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات والحكومة والنظام وان الشعب الأردني الصابر الوطني الملتزم يستحق انتخابات نزيهة وعادلة وفعالة وحتى تصبح المشاركة في الاقتراع واجبا وطنيا حتميا تفرضه علينا المواطنة الحقيقية وأمانة المسؤولية تجاه الوطن و لنا أمل هذه المرة أن تكون الحكومة على مسافة واحدة من جميع المرشحين وأن تكون الدولة برمتها قدوة حسنة للمواطنين في الصدق والأمانة والإخلاص وكما أن الصوت أمانة فإن الإشراف على الانتخابات أمانة أكبر وهذه الانتخابات تعتبر امتحان استكشافي لبناء قواعد المستقبل السياسية والتشريعية

الرهان الأكبر أن لا تمتد اليد الخفية من جديد للتلاعب والعبث والتزوير بأساليب حديثة ومتطورة وغير معروفة مسبقا وان تقوم الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وجميع أجهزة الدولة بدورها القانوني والدستوري بما يكفل إجراء انتخابات نيابية تتواءم والمعايير الدولية بحيث تتصدى الجهات المعنية لكل من يتجاوز على القانون وخاصة ما يتعلق بعمليات احتجاز بطاقات الناخبين و شراء الأصوات ومنع تكرار التصويت للشخص الذي مارس حق الاقتراع والربط الالكتروني بين جميع مراكز الاقتراع رغم انه ليس حل جذري في حال انقطاع التيار الكهربائي حيث وقد تم قبل فترة اختراق موقع دائرة الأحوال المدنية مما يؤكد أن هناك من لا يريد النجاح لهذه الانتخابات سواء من الداخل أو الخارج مع الإشادة بطريقة صبغ إصبع الإبهام للناخب حينها يصعب على أي شخص التفكير بمعاودة الاقتراع مع التذكير بتداول معلومات مؤكدة حول وجود ماكينات تزوير الهويات عند بعض المرشحين وأن يكون الاقتراع تحت النظر ومفتوحا للكل وان ننتبه إلى ورود أسماء مواطنين توفوا أو مغتربون في القوائم الانتخابية قد يستغلها بعض المرشحين من أصحاب النفوذ

الأخطر في هذه الانتخابات هو بروز ظاهرة المال ألسياسيي والاستقراء الذي يمارسه بعض الأحزاب والقوائم والأشخاص في فرض أنفسهم على المشهد السياسي دون وجود برامج أو رؤى وطنية أو تنظيمية وممارسة الابتزاز بشكل علني وصريح ويجب ان يعلم الجميع ان المال السياسي أو الرشوة وشراء الأصوات جريمة سياسية تستدعي العقوبات المشددة وان المال السياسي خصم للجميع وتلويث لنزاهة الانتخابات إن وجدت وان محاربة المال السياسي مسؤولية جماعية لأجهزة الدولة والمواطنين ناخبين ومرشحين ولا يمكن أن نغفل تهديد عبد الإله الخطيب رئيس الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات بالانسحاب من مسؤولية الإشراف على الاقتراع إذا استمر أصحاب المال السياسي في انتهاك القانون دون محاسبة من قبل السلطة التنفيذية وهو ناقوس خطر كبير يؤشر لمرحلة ما بعد الانتخابات من اعتراضات واحتجاجات على فوز عصبة المال السياسي القذر في الدرجة الأولى
وعلى المرشحين أن يبتعدوا وتخلصوا من الأساليب عن الدعاية التقليدية في الحملات الانتخابية ويتنبهوا إلى الظرف الراهن باعتماد البرنامج الانتخابي الواقعي المتزن المتفاعل مع القضايا الوطنية التي يواجهها الوطن وهذه رسالة قبل يوم الاقتراع للناخبين انتخبوا رجالا ونساء أتقياء وأتقياء مثلكم قادرين على خدمة الوطن وأبنائه بكل حرص وصدق وكفاءة ولا تدعوا الفرصة للمزايدين والفاسدين وأصحاب المصالح الضيقة أن يعودوا يمثلوا علينا من جديد حتى نحقق مجلسا نيابيا قويا يلبي آمالنا جميعا ويحقق الإصلاح المنشود نريد انتخابات نزيهة ديمقراطية تعبر عن قناعات كل الأردنيين وخياراتهم وعلى المرشحين أن يرتقوا إلى مستوى اللحظة التاريخية التي نمر بها وعلى الناخبين اختيار من يجدون فيهم الكفاءة والمقدرة ويتحلون بالنزاهة والمصداقية ويضعون مصالح الوطن والشعب فوق كل اعتبار
وان ما ينتظرنا في حال فشلنا في إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وبمشاركة كبيرة هو العودة إلى مربع ما قبل الإصلاحات السياسية والتشريعية والاحتكام للشارع والحراك والمطالبة خارج المؤسسة البرلمانية والدستورية وهو ما تتمناه جهات خارجية تخطط لانفلات أمني واضطراب وفوضى في الشارع الأردني وما يتبع ذلك لا قد الله من نقل الحراك من مظلة السلمية إلى حالة العنف والعداء وان إصرار البعض في الداخل على إفشال الانتخابات قد يقود البلد في النهاية إلى حالة م الارتباك تقود فرض الإحكام العرفية منعا للفوضى السياسية والشلل التام في أجهزة وقطاعات الدولة الاقتصادية والإدارية
mahdmublat@gmail.com