إنتخابات سياسية بإمتياز


 
 على أهميتها ، ليست الإنتخابات مجرد إجراءات فنية  ، تستوجب الشفافية كي تكون نزيهة ، وأن تتحلى المؤسسات التي تنفذها بالحيادية ،  في تعاملها مع كافة المرشحين من حزبيين وأصحاب مواقف ومستقلين .

 الإجراءات والتسهيلات والشفافية ضرورية ، كي تكون النتائج ذات مصداقية ، تعبر عن مواقف وإنحيازات الناخبين ، كي ينعكس ذلك على نتائج صناديق الأقتراع ، وإنعكاس ذلك عبر إفرازات الصناديق ونتائجها على السياسات الإقتصادية والإجتماعية التي يرغبها الجمهور ويتطلع لها  الناخبون ، وفق الظروف الحسية والأوضاع السائدة ، ولكن ، وعلى الرغم من أهمية الإجراءات المصاحبة للعملية الإنتخابية ، فالإنتخابات قرار سياسي تمليه متطلبات سياسية وإستحقاقات مفروضة  ، تخرج عن نطاق الفرد ورؤيته ورغباته .

 إنتخابات مجلس النواب السابع عشر ، قرار سياسي ، أصّر عليه صاحب القرار ، وعمل على إتمامه ، وفهم رسالته حزب المعارضة الرئيسي الإخوان المسلمين ، فوقف ضده لإسباب سياسية أيضاً ، بعد أن فشل الحوار مرتين بينهم وبين الدولة                    ، الأول في حوارهم مع مدير المخابرات حيث عرف كل طرف مطالب الأخر ، والثاني حينما تفاهموا مع عون الخصاونة ، وكانت نتائجه غير مرغوبة ، ولذلك تمترس طرفا الحوار كل في موقعه ، الدولة ومؤسساتها من طرف ، والإخوان المسلمين ومن يتبعهم من طرف أخر .

 الدولة ، النظام والمؤسسة سعت لتجديد الشرعية عبر صناديق الأقتراع ، بإعتبار الإنتخابات أداة الشرعية ومفتاحها ، تلبية لمطالب الأردنيين في تغيير مؤسستهم التشريعية ، بناء على التعديلات الدستورية التي بادر لفتحها رأس الدولة جلالة الملك ، ولإيجاد حائط الصد لمواجهة سلبيات الربيع العربي الذي توقف في المحطة السورية .

 

والإخوان المسلمون سعوا لرفع الغطاء  وزعزعة الشرعية ، والتشكيك بمصداقية الحكومات المتعاقبة ، وعدم قدرة تلك الحكومات في إنجاز الإصلاحات المطلوبة ، معتمدين على تجاوزات حكومية سابقة في الإنتخابات ، وتوظيفاً للمأزق الإقتصادي ، والصعوبات التي تواجه الأردنيين ، وإعتماداً على قوتهم الذاتية المحلية ، وقدرات حركة الإخوان المسلمين كحركة سياسية عابرة للحدود ، تقود مؤسسات دول عربية ، وتشارك في قيادة مؤسسات دول عربية ثانية ، وتقود المعارضة في دول ثالثة .

خطيئة الإخوان المسلمين لم يقدروا قيمة الطرف الثالث وفي طليعتهم الأحزاب اليسارية والقومية التي إنحازت إلى الضرورة الوطنية المتمثلة بالإنتخابات ورفضهم تقويض الشرعية وعدم رغبتهم في إستغلال المتاعب  وزيادتها حرصاً على أمن الأردن وإستقراره وتقدمه التدريجي الصائب والمطلوب ، فحافظوا على توازنهم الوطني كطرف معارض  للسياسات الرسمية وسياسات الإخوان المسلمين التدميرية المتطرفة .

الإنتخابات قرار ورؤية سياسية بإمتياز ، والحكم عليها وعلى نتائجها سيتم لأسباب ودواعي سياسية ، تحقيقاً لتطلعات سياسية ذات أبعاد إقتصادية وإجتماعية تلبي تطلعات شعبنا في الأمن والعدالة والديمقراطية .