ثلج ومخاتير وانتخابات
اخبار البلد - القدس العربي - بسام البدارين
يحيرني هؤلاء الأشخاص الذين يظهرون في تباين واضح وعجيب في الموقف عند رصد ما يقولونه في فضائيات خاصة أو شاشات رسمية.
مرة أخرى عشت نفس التناقض الأسبوع الماضي فعلى شاشة الجزيرة ظهرت لاجئة سورية متشحة بالسواد من المقيمين في مخيم الزعتري الأردنية ووضعت الحكومة الأردنية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تقديم خدمات التدفئة والحماية من المطر والثلج أو قصفها مع أولادها بخيمتهم.
لاحقا ظهرعلى الشاشة رجل عجوز يرتدي شماغا وهو ينتقد بقسوة {تقصير} الحكومة الأردنية لكن مايكروفون تلفزيون الحكومة الأردنية وفي التقرير الذي أعده الزميل النشط يوسف مشاقبه إستطاع العثورعلى ثلاثة لاجئين سوريين يمتدحون الحكومة الأردنية ويتحدثون بدفء عن خدماتها لهم وينتقدون- سبحان ألله-المجتمع الدولي.
شخصيا لست قلقا في الإجابة على السؤال التالي : من أصدق؟ لكن ما يقلقني هو كيف تعثر الشاشات الرسمية دوما على من يمتدح السلطات؟.
إحدى فضائيات اليمن المفتوح على كل الاحتمالات وجدت قبل أيام فقط ثلة من المواطنين الذين خدعتنا الكاميرا وهي تدعي العثور عليهم بالصدفة يمتدحون الرئيس السابق علي عبدلله صالح ويعتبرونه القائد الضرورة.
طبعا سمعت نفس اللغة مرات ومرات في فضائية الدنيا السورية وأكاد أسمعها في قضائية المنار رغم يقيني بأن الشيخ حسن نصر ألله أنجز ما يستحق الإشادة والتصفيق في الواقع.
ثلج ومخاتير
الثلج لم يمنع بعض وجهاء ومخاتير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن من إصدار بيان مثير للشفقة يتحدثون فيه عن الأجندات والمؤامرات التي تحاول منع مواطني الثقل الفلسطيني من المشاركة في الإنتخابات الجدلية التي ستشهدها البلاد بعد نحو عشرة أيام.
اللافت أن التلفزيون الحكومي وعلى طريقة فضائية السودان بث خبرا عن لقاء وفد المخيمات برئيس الوزراء عبدلله النسور.
لاحقا صدر البيان الذي يعلن بأن المخيمات ستشارك في إنتخابات عامة على أساس التعامي عن عدم وجود حصة أصلا في قانون الإنتخاب للثقل الفلسطيني سواء أكان في المخيمات أو خارجها.
مخاتير المخيمات التي حركتهم توجيهات من حركة فتح لحضن مقر رئاسة الوزراء الأردنية بهدف دعم بعض القوائم الإنتخابية قرروا طي صفحة تصريح تلفزيوني لرئيس الحكومة قبل نحو أسبوعين وخلال إستقباله لنظيره المصري تحدث فيه عن {الوافدين } في الأردن ..بين هؤلاء تحدث النسورعن وجود مليوني {فلسطيني} في الأردن.
يعني ذلك بإختصار أن أهلنا في مخيمات الأردن ليسوا {أردنيين} عندما يتعلق الأمر بإستقبال ضيوف كبار في عمان أو بالحديث عن الأزمات المالية لكنهم وبقدرة قادر يتحولون لأردنيين ومواطنين فعالين عندما يتعلق الأمر بالبحث عن {عدد} ينقذ نسبة المشاركة في الإنتخابات.
شخصيا أفهم بان رئيس الوزراء رجل ذكي ويستطيع إصباغ صفة {المواطنة} على من يشاء متى شاء ونزعها كذلك لأغراض الإستهلاك الإعلامي لكن لا أفهم كيف إفترض المخاتير أياهم بان الأهل في المخيمات سيشترون بضاعتهم البائسة.
وفاة الخالة نزيهة
المذيع الشاب والأنيق الذي خصصته السلطات لكي يدرب المواطنين على تفحص ورقة الإقتراع عبر كل الشاشات والمحطات الإذاعية الأردنية لا يبلغ المشاهدين بالحيرة التي تجتاح القوم في دائرة القرار بسبب نسبة الإقتراع المنخفضة المتوقعة خصوصا إذا رزقت العناية الإلهية الشعب الأردني بعاصفة ثلجية أو مطرية تحبس الناس في بيوتها يوم الإنتخاب.
صاحبنا المذيع اللامع لا يقول للرأي العام بأن القوائم الإنتخابية تكاثرت كالفطر في اليومين الأخيرين للتسجيل بقصد واضح فمن يقصي الإسلاميين لإتقاء شر أغلبية متوقعة لهم لن يجازف بقبول فكرة أن يتزعم ملونير ما من طبقة الكريما كتلة أغلبية بدوره.
لذلك ولدت فجأة أكثر من 60 قائمة ستساهم في تقليص عدد المقاعد التي ستحصل عليها جميع القوائم الكبيرة ..هذه تحديدا ضربة معلم أنا كمواطن أردني أوافق عليها وأعتبرها{جووول} وسأقاوم كل من يصنفها كمحاولة للعبث بالخالة {نزيهة} التي تتبع منظومة الإنتخابات.
على سيرة خالتي نزيهة أعلن أحد النشطاء على الفيس بوك وفاتها وحمل نعشا بإسمها مع عبارة تقول: حضرة رئيس الوزراء الدكتور عبدلله النسور ننعى إليكم خالتنا الفاضلة نزيهة.
محطة الإتجاه وماركس
أعجبني مذيع لبناني زميل في قناة الإتجاه {أعتذر لإني لا أعرف إسمه} وهو يعترف على الهواء مباشرة بينما انا على الهاتف ردا على ضيف يساري يرقص ماركس من قبره ألما بسبب إجتهاداته الحداثية العصرية الإقصائية بأن مسألة الديمقراطية {التوافقية} خطأ فادح.
الضيف كان يتحدث عن ضرورة التوصل إلى صيغة لديمقراطية توافقية في الحالة الأردنية تعفي البلاد والعباد من حكم الأخوان المسلمين مما دفع مدير البرنامج للإعتراض على أساس أن الديمقراطية التوافقية {كذبة} فأجابه صاحب الإقتراح العبقري بأن لبنان فيه هذا النمط فبادره المذيع بسؤال إستنكاري: ومن قال لك بان ما يجري في لبنان صحيح؟.
المشهد ذكرني بسعيد صالح ومدرسة المشاغبين ودفعني للغناء: توافقية إيه يخت.
تماسيح وتايتانك
الأذكي هو الزميل محمد الخالدي المقدم الشاب واللامع لبرنامج نبض البلد الذي يمكن إعتباره أكثر برامج الحوار شهرة في الأردن عبر شاشة فضائية رؤيا فالرجل ابقاني وزميلين بعد إستضافتنا لنحو 45 دقيقة نتحدث عن الثلج والسيول ومضخات المياه التي تعطلت فأغرقت عمان قبل بروز حاد للنكتة السياسية في الأردن بحيث أظهرت خفة دم الأردنيين الذين تحدثوا عن تسيير دورات برمائية وظهور تايتانك في شوارعهم مع تماسيح تلتهم السيارات.
في الربع ساعة الأخير طرح الزميل السؤال القنبلة: ماذا عن يافطات المرشحين التي غرقت وتحطمت في أزمة الطقس الأحيرة؟...تذاكيت شخصيا وأجبت بعبارة قصيرة : مرة أخرى أتوقع صقيعا إنتخابيا وسياسيا في البلاد.
وعلى حد تقديري ستتعطل {مضخات} العملية السياسية بعد عشرة أيام وأرجو أن لا أكون متشائما فأزمة الصقيع كشفت لنا بعض الحقائق وأهمها : بلدية العاصمة بلا {عمدة} منذ ثلاث سنوات ووزارة المياه بلا وزير عمليا وصغار الموظفين لا يتجاوبون مع أوامر مدرائهم الذين قفزوا فوقهم بالواسطة والنكتة السياسية- وهذا الأهم- كشفت عورة الجميع والله من وراء القصد.
عن "القدس العربي"