مجلس النواب القادم يُولد مُشَوَّهًا


شعارات مستهلكة عفا عليها الزمن، وبعيدة كل البعد عن الربيع الأردني، بل إنّ بعضها لا ينسجم مع مصلحة الأردن وهويته الوطنية، ووجوه تتقلب من موقع إلى موقع، سئم الأردنيون النظر إليها في وسائل الإعلام المختلفة تقفز من حبل إلى آخر، فمن معارضة عمياء مطلقة تتجاوز الحكومات إلى النظام الذي يتمسك الأردنيون به إلى موالاة مطلقة وتملق واقتناص للفرص وسعي لتحقيق المكاسب الخاصة والفئوية والحزبية على حساب شعب أنهكه الفساد والإفقار.

إنّ الناظر في الوجوه المشنوقة على اليافطات في الشوارع، وعلى أعمدة الكهرباء، وواجهات المحلات، تصيبه الدهشة وهو يستعرض الكثير من الأسماء ومكونات الكتل، فيدرك إدراكًا تامًا حاجتنا إلى قانون انتخاب أردنيّ تكون مصلحة الأردنّ والأردنيين هدفه وغايته، وهذا ليس عيبا أو بدعة فالتطبيق العملي للقانون كثيرا ما يكشف مثالبه وفشله في كثير من الأحيان، وهذا ما حصل مع قانونا العتيد، والدليل على ذلك هذا الكم الهائل من الفاسدين الذين نهبوا أموال الشعب والوطن، فلم يرقبوا إلّاً ولا ذمة في فقرائه ومحتاجيه، فخرجوا غير مأسوف عليهم، وهم اليوم يحاولون العودة من نافذة البرلمان، ليثبتوا قوتهم وجبروتهم وتحديهم للشعب الأردني، بل إنّ البعض يتحدث عن جريمته التي شملها العفو العام وكأنه لم يقترفها، والبعض الآخر ما تزال قضايا الفساد والسرقة والنصب والاحتيال والتزوير منظورة أمام المحاكم، فتطالعنا وسائل الإعلام أن أحد المرشحين عليه ما يزيد على مائتين وخمسين قيدا مازالت منظورة أمام المحاكم، وقس على ذلك الكثير من المرشحين الذين ينظرون إلى المجلس القادم كفرصة تكفيه ما عليه من القضايا، فإذا أضفنا إلى ذلك غياب القوائم البرامجية وارتباط بعض القوائم بالخارج، والتي تسعى إلى تحقيق أجندات لا علاقة لها بالأردن وهويته الوطنية الأردنية، بل إنها تسعى إلى رسم مستقبل الوطن بما يخالف تطلعات أهله وأبنائه دون النظر إلى المصالح العليا للدولة الأردنية، وفي الوقت نفسه يقضي على تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق في التحرر وتأسيس دولته المستقلة على ترابه الوطني، ويخدم مشروع العدو الإسرائيلي التوسعي وإلغاء حق العودة؛ فهي جزء ووسيلة من وسائل إحكام المؤامرة على الشعب الأردني وهويته الوطنية، زد على ذلك ما ابتلينا به من نواب سابقين يحاولون التوريث أو العودة إلى المجلس القادم على الرغم من إقرارهم للعديد من القوانين التي تحمي الفساد والفاسدين، ومنحهم صكوك الغفران لكبار الفاسدين مما حال دون محاسبتهم في تحد صارخ لإرادة الشعب الذي مازال مصرا على محاسبة القطط السمان المتمتعة بالامتيازات والعابرة للقوانين والإرادات.
لك أن تتخيل مجلس نواب هذه تشكيلته، ثم لك أن تتساءل ما هو مستقبل الأردن والهوية الوطنية الأردنية إذا قدَّر الله وشُكّلت حكومة برلمانية من هذه النوعيات؟ هل هذا ما سعى الأردنيون لتحقيقه من خلال حراكهم؟ أم ينطبق علينا القول:" تمخض الجمل فولد فأرًا"، إنّ من خان الأمانة، ولم يكنْ مؤتمنا على وظيفة عامة، أو جمعية أو ارتبط بالخارج، فسوّلت له نفسه مدّ يده إلى المال العام، لا يمكن أن يؤتمن على وطن، ويبدو أن الرسالة لم تصل حتى هذه اللحظة، فالمرسل في وادٍ له لغته وثقافته الخاصة، والمستقبل في وادٍ آخر له لغته وثقافته الخاصة، وما زالت الرسالة في السماء.



الدكتور سليمان الفرعين الخضير