لو كان أمين عمان منتخبا

الفوضى التي جرت في عمان خلال الأيام القليلة الماضية تثير أسئلة كبيرة؛ أين ذهبت المليارات التي أنفقت على البنية التحتية في العاصمة على مدى سنوات طويلة؟ ولماذا نمت مديونية الأمانة لمستويات غير مسبوقة طالما كانت البنية التحتية فيها غير قادرة على استقبال منخفض جوي؟.المنخفض الجوي كشف محدودية الإمكانيات وضعف التحضير والإعداد للموسم المطري، والسؤال هنا من يحاسب من؟ ومن يدفع ثمن الخسائر وإرباك حياة الناس وتعطلها؟للأسف في بلدنا تغيب تقاليد العمل العام واحترام الموقع الرسمي والناس في آن، فلو حدث ما حدث في بلد ثان لرأينا نتائج مختلفة، ومن هنا فإن ما حدث يعيد فتح الباب للحديث حول كيفية اختيار "عمدة عمان".ترى لو كان موقع الأمين يُشغَل بالانتخاب، هل كنا سنشهد النتيجة ذاتها في التعامل مع مصالح الناس وحياتهم بعد الفشل الذريع في التعامل مع الأزمة الجوية التي جلبت معها فيضانات وإغلاقات طرق، وفضحت لنا البنية التحتية المتهالكة للمدينة.موقع أمين عمان بعد أكثر من تسعة عقود على تأسيس الدولة ما يزال يتم تعيينا، وكأن أهل عمان وساكنيها قاصرون وغير قادرين على اختيار مجلس بلدي يمثلهم، ويتابع مصالحهم ليرتقي بمستوى معيشتهم ويحسن الخدمات فيها!.هل العمّانيون غير مؤهلين لاختيار عمدة مدينتهم، رغم أن المدينة تضم آلاف الكفاءات والخبرات، كثيرون منهم من أهل العلم والدراية، وهل من المنطق والمعقول أن يبقى إشغال هذا الموقع الذي يمسّ حياتهم بكل تفاصيلها يتم بالتعيين؟!.ثم، هل سيتعامل الأمين المنتخب لمدة أربع سنوات مع الأزمات على هذا النحو المتردي؟ وهل ستبقى إدارة العاصمة كما هي في حال كان الأمين منتخبا، خصوصا أن جميع رؤساء البلديات في المملكة يتم اختيارهم بالانتخاب، فلماذا تبقى العاصمة قاصرة؟!في ظل غياب معايير المساءلة والمحاسبة يبدو أن ما حدث قد يحدث تكرارا، وليس من أحد قادر على الاعتراف بالتقصير وتحمّل المسؤولية أخلاقيا على الأقل للتكفير عن الأخطاء التي ارتكبت.الأولى أن يسعى أهل عمان لا غيرهم للمطالبة بانتخاب أمينهم، بحيث تُدخَل تعديلات على قانون البلديات تعطي الناس الحق بانتخاب عمدة مدينتهم ليتسنى لهم محاسبته من خلال صندوق الانتخاب.الانتخاب لا يعطي الحق للناس بالاختيار فحسب، بل يجعل المسؤول خاضعا لمساءلة دائمة تحين عند موعد الاقتراع، بحيث يظل العمل والإنتاج وتحسين الأداء هو قاعدة وأساس العمل.لسبب أو لآخر ظل مطلب انتخاب الأمين مرفوضا، لكن النتائج التي تجنيها البلد والأوضاع المالية التي آلت إليها موازنة الأمانة تتطلب إعادة النظر بالتوجه، خصوصا أن الوعي العام والحاجة لتنمية فكرة المساءلة والمحاسبة تفرض ذلك بقوة.سكان عمان هم دافعو ضرائب خزنتها وهم المصدر الرئيس لموارد الأمانة المالية من رسوم وضرائب وغيره، ومن أقل حقوقهم اختيار الشخص الذي يشرف على إنفاق هذه الأموال وإدارتها، وهم الأولى باختيار "عمدة" مدينتهم. انتخاب أمين عمان تأخر كثيرا، ولدينا مجلس نواب مقبل يمكن له أن يعدل القانون، لعل وعسى أن تأتي الانتخابات البلدية المقبلة وينتخب سكان عمان عمدتهم لأول مرة.ليس بالضرورة أن لا يتكرر ما حدث قبل عدة أيام، لكن سيكون بالإمكان محاسبة كل المقصرين، فأهل عمان يستحقون فرصة للتعبير عن مواقفهم عبر مجلس منتخب.jumana.ghunaimat@alghad.jo