حل (الدولة الواحدة ) !

كما وعدت في المقال السابق سوف أتحدث اليوم عن حل القضية الفلسطينية بمشروع (الدولة الواحدة) بعد أن أشار له أو بشر به القيادي الاخواني المصري عصام العريان في تصريحاته الأخيرة، فقد توقع له أن يتحقق على ارض الواقع خلال عشر أو عشرين سنة والمشروع كما هو معلوم غير جديد فقد تبناه الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية كحل (أنساني) يعتمد على المصالحة والتسامح والقبول بالآخر وينقذ البلاد (فلسطين) من نتائج الصراع الدامي بين العرب واليهود ويمهد لأنشاء أول دولة ديمقراطية وربما اشتراكية في المنطقة !
وقد أيده الشيوعيون العرب وفي مقدمتهم الشيوعيون الفلسطينيون على أمل التعاون الأخوي مع (الرفاق) اليهود الذين تبين لاحقاً أنهم كانوا يضمرون شيئاً آخر! لكن الأحداث تسارعت في اتجاه معاكس بعد أن نجحت الحركة الصهيونية في حشد معظم دول ( وشعوب ) العالم لتأييد إقامة وطن قومي لليهود مستغلة معاناتهم على أيدي النازيين (الهولوكوست) .
وعندما طرح مشروع التقسيم على الأمم المتحدة عام 1947 كان النزاع قد بلغ بالطرفين حافة الهاوية فلم يعد ممكنا على الاطلاق الدعوة لحل الدولة الواحدة، وأصبحت الموافقة على التقسيم هي في نظر الاتحاد السوفيتي – الذي لم يكن له نفوذ مباشر في المنطقة – المخرج الوحيد من المأزق الكارثي، ونتذكر هنا كيف قامت قيامة الجماهير العربية ومن بينها الاخوان المسلمون المؤمنون بان فلسطين وقف اسلامي من البحر الى النهر ضد هذا الموقف السياسي وتوجهت المظاهرات في اكثر من عاصمة عربية تصب غضبها على القنصليات الروسية !
وللتذكير فان العرب واليهود في ذلك الزمان رفضوا التقسيم ولكلً اسبابه: العرب، لانه يغتصب جزءًا من وطنهم (ويمنحه) لمهاجرين من شعوب مختلفه، واليهود لأنهم لا يقبلون إلا بدولة خالصه لهم على كل الارض التي وعدهم بها الرب وليُطرد العرب الفلسطينيون ليعيشوا في الدول العربية، وعملوا على ذلك بالقوة والمال والدهاء وحققوه فيما بقي العرب يتراجعون وقادتهم يتنازلون شيئاً فشيئاً عن (حقوقهم) وصولاً الى مرحلة (السلطة) الفلسطينية التي لا سلطة لها حتى على بقايا ارض تدير حياة من فيها من سكان .. تحت الاحتلال الاسرائيلي ! وبقيت حكومات العالم ( والعربية منها ) تتحدث عن وهم حل الدولتين .. دون جدوى !
ومع ذلك ورغم مرور الزمن لم يمت حل (الدولة الديمقراطية الواحدة ) تماماً بقي هناك من يؤمنون به ويدعون له بين فترة وأخرى خاصة من المفكرين اليساريين في إسرائيل نفسها بعد أن أدركوا الظلم الفادح( الموثق ) الذي وقع على أهل البلاد الأصليين سواء الذين شردوا بالقوة والإرهاب أو الذين يعيشون عيشة البؤس والإذلال في الضفة والقطاع أو حتى أولئك الذين تحملوا الويلات ولم يرحلوا فأصبحوا مواطنين (إسرائيليين) من الدرجة الثانية، كما ان هؤلاء المفكرين الشجعان ما فتئوا يفضحون الفكر الصهيوني العنصري الذي لم ينكل بالعرب فحسب بل جر على اليهود أنفسهم أيضاً المصائب بعد أقامة الدولة اليهودية داخل القلعة المهددة في كل لحظة والمكروهة من كل محيطها ويعترض على قمعها للفلسطينيين وعدوانها المتكرر على جيرانها معظم حكومات العالم لكن سطوة الولايات المتحدة تحبطها!
وبعد .. لعل أستاذ جامعة حيفا أيلان بابه هو خير من يشرح للعالم مشروع الدولة الواحدة المدنية الديمقراطية، حيث المواطنة الحرة حق لكل من يعيش على أرضها من أصحاب الديانات والأصول المختلفة.. فهل يبقى هذا المشروع حلماً بعيد المنال بعد أن نجحت الصهيونية وسواها من القوى المتعصبة في أن تعمق الأحقاد والعداوات بين (الشعبين) ؟ أم أن لدى عصام العريان ( رؤية ) أخرى تتناقض مع (الوقف من البحر إلى النهر ) بعد أن وصل الأخوان إلى سدة الحكم وكواليس العلاقات الدولية !؟
• خارج الموضوع لكن في صلب الوطن : لم يخيب دولة الرئيس النسور أملنا فيه فقد استجاب لنداء أنصار البيئة في الأردن بإعادة وزارة البيئة الى مكانها ومكانتها ، فاستحق الشكر والتقدير.