كيف غيرت الثلوج من طباع الأردنيين؟!

 فرحتنا بموجة الامطار والثلوج لايعادلها إلا فرحنا بتغير مزاج الاردنيين من الكشرة المعروفة إلى التنكيت والضحك.الامطار والثلوج نازلة خير وبركة نرجو ان تعم البلاد والعباد بخيرها ونفعها. لكن الامر اللافت هو ما فاضت به صفحات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى من نكات وقفشات جادت بها أقلام الاردنيين – الأصح أصابعهم – عبر الانترنت ..

وقد تكون هذه ظاهرة جديدة اذا ما استمرت وجرى تطويرها، بدلا من موجة النكد والتذمر والنق والشتائم التي سادت لبضعة أشهر خلت ،دون موجبات تستدعي ان نغير أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا. أقول اننا نفرح للثلج والمطر بنفوس أطفال أبرياء من النفاق والخداع والرياء .. وهذه هي حقيقة الاردنيين بوصفهم شعبا متحضرا واعيا وذكيا لاتفوته فائتة..

ما قرأناه على صفحات التواصل الاجتماعي يبشر بخير كثير. وما جادت به السماء على أرضنا من خيرات يستحق النشوة والفرح ،لاننا نعتمد على الأمطار والمياه في كل شيء.. ولهذا نسأل الله العلي القدير ان يجعلها سقيا خير وبركة لاسقيا عذاب وان يبعد عنا مضارها ويجنبنا مخاطرها..

 لكن ما أفسد الفرحة الكبيرة هو ما كشفته الامطار وتوابعها من الثلوج البيضاء الخيرة من ضعف استعداداتنا وبنيتنا التحتية .وقد أكثرنا من الحديث عنها والتحذير منها قبل وصولها حتى إذا جاءت» ولولنا « من انغلاق الانفاق والطرق بالمياه الكثيرة المتدفقة بسبب انسداد مخارج التصريف وقلتها ...مع اننا على مستوى تصريحات المسؤولين في حينها كنا نفاخر الدنيا بمستوى هذه الانفاق وقوتها وجمالها وحداثتها وتصميمها ..الخ .. حتى إذا سافر أحدنا إلى أي بلد عربي أو آسيوي قريب اكتشف بسهولة حجم المبالغة في الحديث عن منجزاتنا رغم اعتزازنا بها وارتياحنا لها.

 معظم الأنفاق في العاصمة شرقت بمياه الأمطار وانغلقت وسببت غرقا مؤسفا لعدد من السيارات بركابها .كذلك الامر بالنسبة للطرقات التي اغلقتها السيول لأن عبارات التصريف لم تعد تعمل او انها كانت مغلقة أصلا بتراكم الاتربة والحجارة وأشياء أخرى..ولابد من الإشارة الى تعطل الاشارات الضوئية وتأثيرها على حركة المرور التي هي في أزمة دائمة ساعات الصباح والمساء!!

 كل هذا الذي جرى يستفز أكثر الناس هدوءا فما بالك بنا واشتعال أعصابنا لايحتاج إلا إلى( نكزة) خفيفة!! مع اننا جاهزون – عادة-- للفزعة إلا ان كثيرين منا ارتاحوا في بيوتهم بانتظار ان تسارع الاجهزة المختصة الى كنس الثلوج عن ابواب بيوتهم..وفتح الطرق الفرعية جدا لتيسير حركتهم.

ما اعجبني هو موجة التنكيت الجميلة على ما يجري وما تجود به السماء من نعم الله علينا..وهي موجة غير مسبوقة فيما أعرف وقد يكون تأثير أشقائنا المصريين واضحا فيها .. على انها مؤشر ايجابي ونرجو ان تمتد على ان لانبالغ فيها ..فالانهار والبحيرات والمحيطات والشواطئ الجميلة كلها صارت في عمان ولم يعد أمام المواطن الاردني إلا ان يختار الوقت المناسب للسياحة والسباحة فيها ..ولا بأس من شراء لنشات أو سفن صغيرة أو أدوات صيد السمك .. لاحظوا هذه الجدية الصارمة في تلخيصي للنكات والطرائف الجميلة المضحكة التي يفيض بها الفيسبوك الاردني !!

لانريد ان نتجاوز الهدف من هذه المقالة فنتائج الامطار والثلوج الاولية كشفت كثيرا من عورات العمل العام والبنى التحتية ولابد من لوم» الفساد والمفسدين «وتذكر جرائمهم الخطيرة في كل حين، فتلك آثارهم تدل عليهم ..ومساءلتهم واجبة بل إرادة شعبية نافذة.