هل تنتهي الانتخابات دون عنف ومشاجرات ؟؟؟؟


من الملاحظ أن المشاجرات لدينا في موسم الانتخابات أو سواه أصبحت ماركة مسجلة حيث برزت في الآونة الأخيرة مجموعة من المشاجرات العشائرية تميزت بحجمها وطابعها الغريب عن المجتمع الأردني وأدت إلى أضرار مادية ومعنوية وآثار اجتماعية واقتصادية ومن المؤسف إن هذه المشكلة أصبحت تقترب من مستوى الظاهرة من حيث الحجم وتكرار حدوثها واشتراك اغلب أفراد العشيرة فيها

وقد بينت دراسة استقصائية أعدتها مرجعية أمنية أن سبب تنامي ظاهرة العنف العشائري في مجتمعنا يعود لأسباب ناجمة في بعضها عن الانتخابات النيابية والبلدية وإفرازاتها جراء إصرار الحكومات المتعاقبة على تطبيق قوانين ناظمة لا تنسجم مع تطلعات المجتمع الأردني وفي مقدمتها قانون الصوت الواحد المجزوء إضافة إلى التجاوزات التي ترتكبها الحكومات جراء التدخل الانتخابات بالتحوير والتزوير
وقد سجلت الأشهر الأخيرة من العام الماضي ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المشاجرات القائمة على أسس عشائرية والتي أدت إلى أضرار بشرية ومادية من ضحايا وإصابات وقد اعتبر محللون أن ما شهده الصيف الماضي اقرب ما يكون إلى " انفجار اجتماعي " بعصبيته العشائرية ورفض الانصياع إلى مفهوم دولة القانون والمؤسسات وفي بعض الأحيان رفض الأعراف والقوانين العشائرية نفسها واليوم ونحن على عتبات الانتخابات النيابية المقبلة

حيث يعتقد البعض بأن الانتخابات البرلمانية والبلدية تلعبان دورا خطيرا في تحطيم الوحدة البنيوية للمجتمع إذ أن الصراع على المواقع أدى إلى ترك أثار حادة بين الناس خاصة بعدما تفشل عشيرة كبيرة في إيصال مرشحها إلى مجلس النواب بسبب كثرة مرشحي العائلة في حين تنجح عشيرة أخرى قليلة العدد وعلينا ان نلاحظ ان النزعة للانفعال وضيق الصدر تتضاعف مع حلول الانتخابات النيابية التي تركت أثار حادة على علاقات أبناء العائلة الواحدة وانقسامهم حول عدد من المرشحين

وقد انتقلت عدوى المشاجرات الانتخابية إلى الجامعات حيث اندلعت مرات عديدة في رحاب الجامعة الأردنية مشاجرات طلابية على خلفيات انتخاب اتحاد الطلبة نجم عنها إصابات وحالات طعن مما أدى إلى امتداد المشاجرات إلى خارج الحرم الجامعي وتعليق الدراسة وكذلك أصابت المشاجرات الانتخابية مسيرة الجمعيات الخيرية مثالا ما حصل بداية العام الجاري في جمعية الظاهرية بلواء الرصيفة حيث جرى تكسير نوافذ وأبواب الجمعية من قبل بعض المحتجين على الانتخابات

مع بدء العرس الديمقراطي بدأت تظهر على السطح حمى المشاجرات على خلفيات انتخابية بعدما دق ناقوس الخطر من حرق المقر الانتخابي للمرشحة في الدائرة الثالثة لمحافظة الزرقاء ريم القاسم من قبل مجهولين على خلفية الترشح والانتخابات قبل أيام ومع قيام العشرات من مؤازري احد المرشحين بتحطيم سيارة المرشح فرحان نومان الغويري في مدينة الزرقاء ومحاولة حرقها الأمر الذي دفع بعدد من مناصريه إلى الاستعداد لإخراج السلاح واستخدامه لولا تدخل العقلاء وحضور رجال الأمن

ومع تسارع اقتراب يوم الاقتراع وزيادة الاستقطاب والتنافس الإقليمي والمناطقي تزداد التوقعات بارتفاع معدل العنف والمشاجرات ولا زلنا نستذكر بكثير من الألم والحسرة المشاجرات الانتخابية قبل الاقتراع وقبل إقفال الصناديق وبعد الفرز التي وقعت في انتخابات 2010 في بعض مناطق الكرك ومعان وجرش واربد وعجلون والطيبة وفي وادي السير وغيرهما احتجاجا على إخفاق بعض المرشحين حيث جرى قتل مواطنين واصابة آخرين بإطلاق الأعيرة النارية وإغلاق الطرق الرئيسة وحرق بعض المنازل والمقرات والسيارات وتمزيق اليافطات وتحطيم الإشارات وبعض أكشاك الشرطة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإضرام النار في غابة الشهيد وصفي التل بالإضافة إلى المشاجرات التي نشبت بين أنصار المرشحين حول مواقع الأعمدة واليافطات والصور حتى ان بعض المرشحين السابقين كانوا هم أنفسهم سببا في حدوث بعض المشاجرات التي اعتدي فيها عليهم وعلى أنصارهم

اليوم تتزايد التحذيرات من احتمالية ارتفاع وتيرة العنف مع ازدياد سخونة التنافس والدعاية الانتخابية والخوف من ارتفاع حدوثها يوم الاقتراع أو بعد فرز النتائج وهي حالة مصيرية للمرشح أشبه بصراع البقاء بعدما أصبحت الانتخابات وسيلة لتجذير الانقسامات والاختلافات والتناحر الاجتماعي مما يضع الجميع فوق فوهة البركان في وقت يتنافس فيه أغلب المرشحين على أسس اجتماعية وعشائرية ذات طبيعة منحازة وما يعنيه ذلك من احتمالية التصادم والمواجهات غالبا ما تمتد وتخرج عن السيطرة كالنار في الهشيم

مع قرب الموعد والاستعدادات المكثفة لهذه الانتخابات من قبل مختلف الجهات الرسمية والسياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني
وإذا كان القانون قد الذي لا يحوز على التوافق الوطني العام قد شرع وأعطى الجميع الحق في المشاركة أو المقاطعة فينبغي على الذين امنوا بحق المشاركة ودافعوا عنه أن يمارسوا الديمقراطية التي تكفل اجراء انتخابات واعية مفيدة ينحاز فيها المرء إلى الأفضل والأقدر والأكفاء بعيد عن الدخول في محاصصة مناطقية أو إقليمية تثير الخلاف والصراع وتقود إلى العنف والمشاجرات الحق وعلى كافة منظمات المجتمع المندي لعب دورها المطلوب في عملية الرقابة عليها وتفعيل الحراك الديمقراطي من خلال التوعية للمواطنين بأهمية المشاركة الفاعلة في عملية الاقتراع واختيار ممثليهم لمجلس النواب القادم إضافة إلى الدور الذي ستساهم به في عملية التوعية بضوابط الدعاية الانتخابية حتى لا تؤدي ممارستها بأشكال خاطئة وبعيدة عن القانون إلى بروز سلبيات كثيرة نحن بغنى عنها في هذا الوقت العصيب

ومن المهم التأكيد أن الانتخابات المزمع إجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري تأتي في خضم ضغوطات داخلية وخارجية منها غياب الاستقرار الاقتصادي وهي انتخابات مهمة وحاسمة لاستقرار الأردن السياسي في ظل جود محيط ملتهب تتقاذفه عواصف الربيع العربي بكل قوة وتأثير وقد تمكن الأردن من الصمود وبناء منظومة تفاهم وتلاحم سلمية بين القيادة وأكثرية الشعب وتعتبر الانتخابات النيابية المقبلة محور الإصلاحات التي يجريها الملك وسوف تقود لأول مرة إلى انتخاب رئيس وزراء في أول حكومة برلمانية في عهد الملك عبد الله الثاني

ولا بد من التوعية الشاملة حول تثقيف الناخبين اتجاه نظام القائمة الوطنية وان تبني نظام القوائم الوطنية هو إجراء انتخابي مهم وحديث وقد ينتج عنه ولأول مرة في الأردن نواب منتخبون وفق برنامج وطنية واضحة وعلى الهيئة المستقلة للانتخابات المسؤولة عن العملية الانتخابية اتخاذ إجراءات كافية لضمان أن فهم المواطنين لأهمية القوائم الوطنية وكيفية التصويت على ورقتي انتخاب في يوم الاقتراع لأول مرة

وأخيرا فقد وضعت مديرية الأمن العام ثلاث خطط للتعامل مع حوادث انتخابات افتراضية إلى جانب الخطة الأمنية للانتخابات تضمنت وضع استعدادات حازمة في تنفيذ القانون وذلك في حال حدوث أعمال عنف أو فوضى أو تخريب تعكر صفوه العملية الانتخابية و ولأهم أن مقتل أو إصابة أي مواطن أو مواطنه أو هدر قطرة دم واحدة في أي مكان فوق ثرى الوطن لا قدر الله هو اغلي وأثمن من أي برلمانات أو انتخابات مهما كانت أهميتها وحريتها ونزاهتها
mahdmublat@gmail.com
تم  حجب جميع التعليقات بناء على طلب الكاتب