كبرت الفقاعة يا ..مالكي



على خلفية توافق اقطاب العملية السياسية وهم العراقية وتحالف الكردستاني والتيار الصدري وتحميلهم رئيس الوزراء نوري المالكي المسؤولية الكاملة لما يقع من تردِ امني وخدماتي وسقوط حضاري وفساد مالي واداري في العراق ، بات من المؤكد ان تشهد جلسة مجلس النواب العراقي غد الاحد طلبا بسحب الثقة عنه وقد ينجر الموضوع الى طلب بالمقابل تتقدم به كتلة دولة القانون بحل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة وتشكيل وزارة تسيير اعمال .
بلاشك هذا هو السيناريو الجاهز للتنفيذ في العراق وسط معطيات سياسية تداخلت فيها الغايات والصور والاجندات الاقليمية وقادت الى فهم اشبه ما يكون بالانتحار السياسي للجميع تحت قبة البرلمان ، حينما تفضل الكتل جميعها الى العودة للناخب مرة ثانية ،فهل يا ترى سيعيدها هذا الامر يوم الفصل ثانية للواجهة السياسية ،ام انه سيلفظها جميعا ويتخلى عنها كما تخلى البعض منها عنه وقت الجد والعسرة والصدمة والترويع التي استمرت ست سنوات ، كان المالكي يمارسها غيا وقتلا واعتقالا واغتصابا على الهوية والمناطقية ولا يخجل ان يسمي نفسه رئيس وزراء العراق
هذا الفهم الجديد في منحى الصراع على السلطة في العراق متوقع له ان تدور تفاصيله غدا الاحد داخل الخنادق الطائفية في مجلس النواب حيث يحتكم كل فريق منهم الى قميص الدستور المتهتك ، ضمن مقدمات لصراع قد يقطع الانفاس ويلغي بعض الحواس ويحيل اجواء المكان الى ساحة معركة بالايدي بعدما تتشابك الالسنة ،في حالة قدوم نواب كتلة دولة القانون التي هددت بمقاطعة هذه الجلسة الاستثنائية التي تعدها الاخطر في تاريخ مجلس النواب العراقي ، ولقد كشفت تداعيات اعتقال حماية العيساوي وحالات اغتصاب السجينات عن واقع مريرتهيمن فيه عصابة على ادارة حكم بغيض يعاني منه الشعب العراقي كافة وبخاصة سنة العراق الذين تحملوا الكثير من مظالم سلطة طائفية احتكمت الى باطنية سياسية واجندة اجنبية ايرانية في التعامل والاقصاء والتهميش وتنفيذ الاعتقالات الكيفية ..
صراع ابتدأه نوري المالكي مع النجيفي رئيس مجلس النواب متصاعدا به في الاعلام وعلى مستويات قيادات العمليات العسكرية ،معتقدا انه بالقائه تبعات كل ما يحدث عليه وبينها الغاء القوانين جائرة وهي مطالب المعتصمين او اقرارها إنما يقع على عاتق مجلس النواب نفسه ، ما دفع رئيس مجلس النواب الى توجيه لطمات قاسية للمالكي ، ووعد جماهير العراق كافة من خلال مؤتمر صحفي في الموصل الحدباء وهي دائرته الانتخابية على توجيه ضربة قاضية للمالكي باعطائه الجماهير وعدا بالغاء قانون مكافحة الارهاب الذي عُدت المادة اربعة منه ارهاب سوطا الهب ظهور العراقين وسيفا مسلطا على رقاب كل مواطن يعترض على اداء السلطة وتوجهاتها الطائفية ..
ماذا كان جواب المالكي حذر المتظاهرين من مغبة دخول عناصر مندسة بينهم اول الامر بقصد إخافتهم واعطاء المبررات لقوات عمليات الانبار للتدخل وفض الاعتصام ،لاكنه وكعادته اجبن وتراجع عندما اعلنت عشائر الانبار انها ستكون جاهزة للمواجهة وردها السريع عليه وتحركت قطاعات واسعة من شعب العراق مؤيدة ومتحدية قراراته ،ولانه يدرك ان عملا مثل هذا لو اقدم عليه فان العراق سيشتعل من اقصاه الى اقصاه ..
هنا دخلت امريكا على خط المشكلة التي مضى على تفاعلاتها اسبوعان ، لانها لاتستطيع ان ترى مشهدا قاسيا ينهي أحلامها كما تشهده اليوم في سوريا وربما سيكون اشد خطورة على مصالحها في المنطقة ، لذا عملت على تهدئة الموقف ،وقتها تسلم المالكي رسالة امريكية متلفزة تحذره من مواجهة محتجين لايرفعون السلاح في وجه السلطة ، لانه إن فعلها فستكون خسارة قضية يتاجر بها وهي مواجهة الارهاب كما يدعيه وكما يحاول ان يصورها لحليفته امريكا ولكن هنا ايضا خاب ظنه ..
فاستدار على عقبيه ووضع اذياله في فمه محاولا اللحاق بمن يناصره في التحالف الوطني ولم يجد غير رفيق دربه القديم رئيس التحالف الوطني الشيعي ابراهيم الجعفري فبحثا معا عن مخرج للمشكله لانه كلما اراد الخروج منها بنفسه وجد نفسه انه يغوص اكثر في اعماقها ،الجعفري الذي عرف عنه انه منظرا فاشلا لحزب الدعوة سابقا اراد استخدام نفس اسطوانته القديمة والمستهلكة، دعا فيها الى اجتماع للقوى والكتل السياسية في البرلمان في مقر اقامته لمتابعة الامر ولنزع فتيل المشكلة

لكن الجعفري ليس ايام زمان ،خسر محاولته الانقاذية هذه عندما رفضت الكتل الرئيسة المشاركة فيه ما ادى به الى تاجيله الى اشعار آخر وهي علامة فشل مميزة لكل اجتماع على غراره من انه لن تقوم له قائمة ، وهنا اضطر المالكي معاودة توجيه ارسال رسائل تعبوية لخصومه وللمعتصمين وشن عدد من نوابه هجمات على النجيفي محذرين من استعداد المالكي بتقديم حكومته استقالتها وحل البرلمان وهو مطلب كان ثنى عليه سابقا اياد علاوي زعيم تحالف العراقية ،
وهذه طبعا سياقات دستورية ولانه لا يحق الا لرئيس الجمهورية جلال الطالباني القيام بها وهو غائب عن العراق وغائب عن الوعي في الوقت نفسه فان رهان المالكي بات معقودا على نائبه وهو رئيس حزب الدعوة تنظيم العراق ،خضير الخزاعي فهل يستطيع ان يفعلها الخزاعي صاحب اكثر تواقيع اعدامات شهدها العراق والذي يسميه البعض بنائب عزرائيل ..
وهنا انبرى له زعيم القائمة العراقية أياد علاوي، داعيا إلى إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة مؤقتة من مجلس النواب نفسه للإشراف عليها، وفيما حذر من خطورة استمرار أوضاع المرحلة الحالية، اعتبر أن ما يحصل يندرج ضمن غياب رئيس الجمهورية جلال الطالباني.
علاوي الذي ضل ساكتا اطلق رصاصة الرحمة على حكومة المالكي بشخص رئيسها واصفا حالة العراق تحت حكمه بانه يعيش أسوء أوضاعه وأخطرها على الإطلاق تسطرها بشاعة المشهد والتفرد بالقرار والحكم وتمزيق لحمة المجتمع وتقطيع أوصاله وترويع وتهميش شرائح مليونية منه"، لافتا إلى انه "لا يوجد بديل عن رحيل هذه الحكومة وفسح المجال أمام حلول جذرية سلمية وحقيقة".
شكوك كبيرة ودوامة اكبر وصراع يكبر ربما يفعلها المالكي على طريقة شمشون الجبار ويسقط ثقل المشكله عليه وعلى اعدائه فتنهار العملية السياسية باكملها ( عليً وعلى اعدائي)واستعدادا لهذا الموقف وجه المالكي باعتباره القائد العام نداء للجيش بالمحافظة على المتظاهرين ..؟ متلاعبا بالالفاظ محاولا ايهام المتظاهرين بانه يؤومن ساحتهم ضد اي اختراق وهي وسيلة باطنية لانتزاع سلاح خصومه لكنه بالتاكيد يحاول ان يلعب نفس اللعبة التي لعبها في 25 2 من العام الماضي حينما امتص الصدمة الاولى لشباب الانتفاضة ومن ثم راح يقطع الطرق عنهم ويعتقل قياداتهم ويصفي واحدهم تلو الاخر ،حتى امكن له ان يفشلها ..
ولكنه اليوم في الانبار يواجه بلاشك ساحة تختلف عمقا عشائريا وسياسيا عن ساحة التحرير في بغداد ، فهو لن يستطيع ان يمارس نفس اللعبة ونفس الدور القديم ،بعدما انتقلت شرارة الثورة الى كل الاتجاهات ، وكأن الامر على ما يبدو ، قد فات اوانه ..؟ وفيما يتردد بقوة ان كل المؤشرات تفيد ان القوى الرئيسة في التحالف ستتخلى عنه لصالح عادل عبد المهدي كبديل عنه ،
وان عملية اسقاطه تحتاج فقط الى مراسيم جنائزيه للضربة القاضية وهي على ما يبدوا جاهزة لانها ستكون المعركة الفاصلة بين المالكي وخصومه .ولم يبق امامه غير ورقة الجيش وتلك لو استعملها فانه سيجني على نفسه تماما كما جنت على نفسها براقش ..