اللون الأصفر في القدس
ذكر لي صديق زار رام الله قبل ايام , أن السلطات الاسرائيلية في القدس طلبت من أصحاب المحلات التجارية في سوق القطانين دفع غرامة خمسمائة شيكل لمن يُشْغل رصيف الشارع بمسافة تتجاوز مترا واحدا. وقد وضع عمال البلدية خطا من الدهان الاصفر امام الحوانيت واعلنوا ان على العربي التقيد بتلك المساحة.
ويبدو أن هذا هو الموروث الثالث الذي استنسخه الاسرائيليون من سنوات اضطهادهم عبر القرون سواء بواسطة مذابح « البوغروم « على ايدي القياصرة الروس مرورا بالسعي لوضع الحل النهائي لافنائهم بواسطة افران الغاز النازية « الهولوكوست «.
وكان اللون الاصفر ما رسمه شباب الحزب النازي عام 1935 على منزل كل يهودي نهارا قبل المجيء ليلا وحرقه. كما سبق أن فرض ملك الاسبان فرديناند عام 1495 لبس طوق أصفر اللون على كل يهودي في مدريد.
وعندما ثار اوليفر كرومويل في بريطانيا ضد ملوكها عام 1649, فرض لبس اللون الاصفر على غطاء الراس لجميع اليهود.
ويقولون في علم النفس التحليلي ان الضحية يستنسخ صفات جلاديه ويختزنها في عقله الباطن حتى اذا ما ازفت له الفرصة المواتية قام باستجلاب تجارب اللاوعي السابقة ليمارسها ثانية كي يمنح نفسه الشعور الداخلي الوهمي بما يدعونه» شبق القوة والاستعلاء» كما كان يتخيل تلك الصفات التي ارتبطت في ذهنه بقدرة جلاديه.
ويأتي حاليا استخدام اللون الاصفر على المحلات التجارية العربية في بسطات القدس ليكون جزءا من حملات صهيونية عديدة بدأها شمعون بيريس عندما قال يجب تهجير جميع العرب من القدس, وذلك قبل اعوام من ممارسات شارون الذي طالب « بيهودية اورشليم العاصمة « كي لا يبقى فيها مسيحي او مسلم .
وبالرغم من وجود 330 الفا من العرب والمسلمين في القدس حاليا , الا ان تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو قبل اسبوعين تشير الى اعادة صياغة المعادلة السكانية بضم المستوطنات في الضفة الغربية لتكون جزءا رئيسيا من القدس , وتعبيد الشوارع وشق الانفاق كي يكون التواصل العمراني مكتملا ما بين القدس وكتل الاستيطان الخمس وهي : معاليه ادوميم ( 45 الفا ) موديين علييت (56 الفا ) ارييل (47الفا) غوش عصيون (59 الفا ) جفعات زئيف (19 الفا ). ويبلغ مجموعهم 226 الف مقدسي جديد ليواجه عرب القدس الصامدين هناك.
وضم مستوطنة معاليه ادوميم الى القدس يعني ايجاد التواصل الجغرافي برا بين المستوطنات والقدس إلا انه يقطع اتصال مدن الضفة الغربية العربية مع القدس الشرقية , ولذلك رفض الاسرائيليون الاقتراح الامريكي لبناء شارع سفلي وانفاق بعرض ستين مترا تربط عرب القدس الشرقية مع عرب الضفة الغربية .
ويروي الصديق العائد من رام الله ان ابناء القدس صابرون وهم يرون سيوف نتنياهو تكاد ان تنحر اوداج ابنائهم وهم مكبلون على المقصلة , إلا ان آلامهم تتضاعف عندما تُدرج قضيتهم في ذيل جدول الاعمال في جميع القمم العربية والمنتديات الاسلامية وحتى في البيانات السياسية لمرشحي الدوائر الانتخابية في عدة دول عربية .