نلهث خلف أمريكيا ومصالحنا في أوروبا



كثير من العرب ركنوا واستسلموا إلى أن أمريكيا أصبحت وستبقى قوة تنازع الخالق القوة
ونسوا عن خوف أين ذهبت بريطانيا التي كانت إمبراطوريه لا تغيب الشمس كناية عن اتساعها والى ماذا انتهى مصير ألمانيا النازية التي اجتاحت العالم احتلال ودمار وأين روسيا القيصرية من العالم اليوم وعلى الرغم من أن كل الدلائل تشير إلى انحسار وتراجع وهزيمة النفوذ الأمريكي في أكثر من مكان وربما قرب نهايتها وبروز قوة دولية أوروبية جديدة أو أسيوية تنازعها المكانة وتحل محلها

العرب جميعا بزعاماتهم لا زالوا يحجون إلى البيت الأبيض يتمسحون بواباته ويطلبون العفو والمغفرة والرضا خاصة بعدما اجتاحت الرياح العاتية للربيع العربي كل خيمة حتى في الصحراء الخالية ولا زالت واشنطن قبلة الكثيرين

من البديهي معرفة أن أمريكيا هي التي خلقت الإرهاب والاضطراب في العالم ولا زالت غير قادرة على مواجهته والمساك بلجامه وهي لا زالت تتحدى الدول والشعوب بالبطش والقوة والقتل وما حدث في فلسطين والعراق ليس بعيد وف وفرق الموت وفلسطين الأمريكية تقود في أفغانستان وسوريا مؤامرة قذرة من القتل العشوائي وتحويل حياة الشعوب إلى جحيم أبدي وهو ما أوصل الناس البسطاء والعاديين في مختلف بقاع الأرض إلى مناصرة الثائرين والنزوع نحو العنف والمقاومة الشديدة التي تصفها أمريكيا ظلما وعدوان بالإرهاب وهي جزء من ممارسة حركة التحرير الوطني باستخدام المقاومة المسلحة

أمريكيا نفسها كانت محتلة من بريطانيا وقاومت بالسلاح المستعمر وحصلت على الحرية والاستقلال وفي فرنسا أصبح ديغول ورجاله إبطال تحرير والمقاومة العراقية وصدام حسين وعزت إبراهيم ورجالاتهم أصبحوا مجرمين منهم من اعدم ومنهم من ينتظر وليس من حق العراقيين ولا الفلسطينيين ولا الأفغان ولا السوريين مواجهة ومقاومة المحتلين وأمريكيا وإسرائيل تجتاحان العالم بسياسة استعمارية جديدة متطرفة خرقاء ظالمة

أليست مقاومة الاحتلال عمل مشروع وفق مبادئ القانون الدولي وشريعة الأمم المتحدة وقواعد الأخلاق العالمية أم هو مجرد حق حصري مجزوء لأصحاب القوة فقط على الفقراء والضعفاء

وبعد الذي يراه العرب من غطرسة طاغية وانحياز اعمي مكشوف من قبل شرطي العالم الحديث النظام الأمريكي الذي يقف منذ خمسين عام ضد المصالح العربية والإسلامية ويعطل أي سبيل لإنهاء أو تقزيم الاحتلال وإقامة جزء تسير من العدل واحترام القوانين الدولية بالفيتو المتكرر كسيف مسلط فوق رقبة الحق سيما أن كان عربي أو إسلامي

يجب أن يعرف الصغار قبل الكبار أن أمريكيا بنظامها السياسي مهما تغيرت الوجوه من هي عدو أزلي للعرب ربما أكثير من إسرائيل فجميع خيوط اللعبة الدولية بيد أمريكيا ولا حل ممكن بدون إرادتها وان السلام والأمن والاستقرار مرهون بزعامتها وهيمنتها دون سواها وواهم من اعتقد بغير ذلك وهذا التصور من تغيرات العالم في كل اسقاع الأرض لم يعد واقعيا ولن يدوم طويلا فهنالك قوى عالمية يمكن أن تستعيد دورها ومكانتها مثل روسيا التي فقدت مكانتها بمؤامرات أمريكية ومحلية أنهكت قدرتها على التحدي والمواجهة

أما أوروبا فهي قوة سياسية مؤثرة وهي جارة للدول العربية ولها مصالح هامة وإستراتيجية في المنطقة العربية وترتبط مع العرب بالعديد من العلاقات التاريخية والثقافية يضاف إلى ذلك أن أوروبا تعمل بميراث حضاري كبير وبرؤية واقعية تدرك من خلالها مدى الخطورة التي تشكلها سياسة القوة الأمريكية على العالم وأن أوروبا مرشحة لدور مستقبلي أكبر من أمريكيا بل وأهم وهي عملت مرات عديدة على إنقاذ المنطقة وإخراج أمريكيا من المواقف الحرجة والخطرة والعميقة التي رمت نفسها فيها

والجميع في أوروبا يعلمون بأن السبب المباشر في كراهية الشعوب العربية لإسرائيل وأمريكيا ودول أخرى هو الموقف من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بالإضافة إلى مؤامراتها وغزوها العراق وبعض الدول الإسلامية على سبيل المثال فرنسا دولة أوروبية مهمة وهي صديقة للعرب وتتفهم بعض قضاياهم وكان الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك يعلن بشجاعة في أكثر من مكان رفضه للاعتداءات الموجهة لنا ولا زلنا نذكر زيارة الجريئة للقدس الشريف وما حصل له من اهانة ومضايقات

أذا يجب أن نعترف بوجود أصدقاء لنا عقلاء ومتحضرين يحترمون مبادئ الحرية والعدل ويمكن ان نستثمر علاقاتنا معهم للتأثير على مجريات الأحداث والقرارات الدولية من خلال الاتحاد الأوروبي وحتى في أمريكيا نفسها اليوم يمكن لنا أن نستفيد من وصول قادة الحزب الديمقراطي للمرة الثانية إلى رئاسة الدولة والى العديد من مواقع السلطة من خلال مراجعة السياسات الأمريكية عبر الخمسين سنة العجاف ودورها السلبي على أمريكيا في المنطقة العربية التي جعلت العالم أكثر عنف وتطرف من اجل مصالحنا وقضايانا مرة أخرى يتوجب أن نتواصل مع أوروبا والعالم الحر حتى نتمكن من محاصرة العدوان المستمر ووقف السياسية المتقلبة لمصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة وهذا في اعتقادي أجدى من الوقوف الدائم أمام باب واحد موصد في وجوهنا من زمن بعيد

mahdmublat@gmail.com