من جزائريّ إلى الكون كافة

من جزائريّ إلى الكون كافة

"….حين الحاكم سمع القصة ..
أصدر أمراً للسياف بذبح الديك .
قال بصوت الغاضب :
كيف تجرأ ديك من أولاد الحارة
أن ينتزع السلطة مني ..
كيف تجرأ هذا الديك ؟؟
وأنا الواحد دون شريك"
نزار القباني

شعوب الأرض لها مكانة خاصة عند الأغلبية من أبنائها، و على هذا الأساس لقد أحببت أن أخاطب هذه الشعوب حتى أبيّن ما يدور في فكري حيالهم. لدى يا شعوب الأرض، و يا أمم العالم أنصتوا.

أنـــا شاب من الجزائـر، محتار بين الأمازيغية و العروبة، لكنني متيقن من إيماني بالله الواحد، و كغيري من الشباب، فإنّ لي طموحات لا تسعها الدساتير و لا تحدها القواميس، و مع هذا أنا أصطدم كل مرة بجدران حدود صنعها المجتمع الدولي، و ممنوعات صنعتها الأمم المتحدة، و حواجز صنعها النظام الأخلاقي للإنسانية، و الذي لا أعلم إلى الآن من هو واضعه، و من هو المستفيد منه، و لا كيفية استفادتي منه أنا أيضا.

يا أيّها العالم…
أنا اليوم لا أريد أن أبيّن مدى احترامي لكـ، لأنني اعلم بأنك على علم بذلك، و لا أريد من خلال هذه الأسطر أن أذكرك بحقوقي، لأنك واضعها طبعا، و لكنني وددت أن أذكرك بواجباتك نحوي، و التي لا أرى منها سوى ما يهمك أنت.
أنا لست رقما في دفاتر انتخاباتك، و لا آلة في أحد مصانعك، و لا حاملا للسلاح في جيشك، كما أنني لا أريد منك و لا قبرا إن لم تحترم إنسانيتي أوّلا.
لقد سمعت عن حق كل مواطني العالم في حرية التنقل، لكن أين هي في الواقع؟ و لقد قرأت عن حق كل ساكني الأرض في اختيار محل إقامتهم، لكنني لم ألمسها، و لقد وردني أنّ كل البشر متساوون أمام القانون، و مع هذا هناك ظلم كبير للناس، فهل هو من القانون؟

يا قادة العالم….
وجدت في كتب التاريخ أنّ القويّ عندما يأكل الضعيف يسمى الأوّل مجرما و الثاني ضحية، و مع هذا لم تتوقف أمّ المجرمين عن الولادة، و لا أب الضحايا عن الزنا، و قرأت في شرائع سكان هذا الكوكب عن حق كل مولود جديد من بني الإنسان في الحياة الكريمة، و مع هذا أكثر من نصف البشرية يقبع تحت خط الفقر، فأين التوزيع العادل للثروات؟

يا سياسيي الدول….
كل واحد منكم يعد و يخلف آلاف الوعود، و كل سياسيّ في كل خطابات السياسيين يذكر عبارة "التقدم و الازدهار" فهلا وضحتم لي ما معناها، هل هي آلاف ضحايا الحروب التي توقعون الأوامر بانطلاقها؟ أم أنها تعني زيادة عدد المحرومين في كل أصقاع الكوكب الأزرق؟ و دعوني أفكر قليلا: لربما هي تلك الفضائح التي تغزوا الصفحات الأولى للجرائد و المجلات أو الفضائيات و مواقع الإخبار الإلكترونية من اختلاسات و فساد أو حفلات و عمليات اغتصاب لصغار الموظفات الماكرات؟

يا اقتصاديي الدنيــــا….
أنتم ترفعون شعار الرفاهية و الثراء لكل الأفراد دون استثناء، لكنني رغم كل الجهود وجدت نوعا من الجمود، وجدت أنّكم تحبون الأرقام، فما رأيكم أن نتحدث بلغة الأرقام!
هناك أكثر من ثلاثة و عشرين مليون فقير، و أكثر من مليار جائع، فأين هو 735 مليون طن متري في العام من القمح؟ أم أنه غير كاف؟
هناك أيضا 54% من سكان العالم بطالين، فيا لها من نتيجة ايجابية جدا لخططكم الاقتصادية الناجحة كما أنتم تقولون.
و ما رأيكم إن أضفت فوق كل هذا أنّ من بين 9 مليار نسمة من سكان العالم هناك 7مليون و 200 ألف ثريّ فقط، فيا له من توزيع عادل للثروة الأرضية؟

يا مثقفي الأمم، و يا علماءهم….
أحسنتم، لأنكم لم تثقفوا سوى المادة، و أطلقتموها لتسيطر على الإنسان، و تسجنه في تقنيتها بامتياز، كما أنكم اخترعتم آلات فتاكة لا تبقي حياة و لا موتا على هذا الكوكب لو توفرت القليل من الظروف لذلك، و لا يسعني إلاّ أن أقول لكم شكرا جزيلا، لأنكم غذيتم منطق "الخوف" في أعماق كل إنسان له عقل يشتغل جيّدا، فيا لكم من عباقرة تزرعون كل ضرر في النفوس قبل احتوائها، و توسعون دائرة "القابلية للاقتحام" في كل عنصر بشريّ في هذه الرقعة من المجرة، و تريدون أن تصبحوا آلهة! لكنني أجد في هذا الكون إله واحدا لا شرك له، و هو الذي سيتولاكم، فلا تخافوا.

" لقد تمعنت في الكثير من شرائح الإنسان، و هذه سوى عينات وجدت أنها مهمة جدا للذكر في هذا المقام، لا لسبب سوى أنني وصلت إلى نتيجة مفادها أنّ الإنسان تلوث دون علمه أو عبر تجاهل منه بالكثير من السلبيات، منذ الأزل ربما، و لكن الشريحة الوحيدة التي بقيت صافية في نظري هي تلك البريئة، التي لا ناقة لها من أحداث العالم و لا جمل، تلك التي تعتقد أنّ الأرض مكانا آمنا، و أنّ كل البشر متشابهين، و يحملون طيبة لا حدود لها في قلوبهم، فيتصرفون على أساسها، لكن هؤلاء الأفراد نادرون ندرة خسوف القمر"

السيّد: مــــزوار محمد سعيد